"مفاجئة"، "لم تكن مفاجئة"، "شو الخطوة التانية يا ترى"، "شبابلك + !!!"، "شببلك لببلك، آخر أيامك يا لوميير، وداعااااا", "قلوبنا مع الكرامة في المباراة النهائية", "عقبال سيريانيوز"..
هذه وسواها، بعض من التعليقات والتضمينات، التي جالت محليا الفضاء المفروض والافتراضي عقب الإعلان "الدرامي" عن التوقف الاحتجاجي لمجلة "شبابلك" منذ أيام قليلة.
ولكن هل من الضروري في هذا المقام، الاستهلال بلطميـّة جديدة حول "فتوحات" وزارة الإعلام السورية في الصحافة المحلية, رغم أن رئاسة مجلس الوزراء تفوقت منذ بعض الوقت على وزارتها المختصة، وبدت هذه الأخيرة وكأنها تنهل من معين الأصل ليس إلا؟
والجواب هو لا أبدا، أقله في هذه المناسبة، على اعتبار أن ثمة دائما أشخاصا ومراكز متابعة ومتفرغة لهذا الأمر بالذات, و"ما عم تلحق شغل".
تلك إذا كانت حصة الوزارة، فماذا عن نصيبنا ومصابنا "الشبابلكي" نحن.
ما يلفت النظر حقا، هو أن السيد إياد شربجي صاحب مجلة "شبابلك" ورئيس تحريرها لم يكلف نفسه عند تحضير بيانه ذاك بخصوص قراره إيقاف صدور المطبوعة الشبابية، مجرد التفكير في عناء تبليغ النبأ -غير العاجل بالمناسبة- لزملائه المعنيين، والصحفيين العاملين معه، كي لا أقول "أسرة" المجلة.. فقط "تبليغ" يا جماعة، وليس "مشاورة" لا سمح الله.
ليس لأنه كان من الممكن أن يكون لدى أولئك الصحفيين ما يقولونه مثلا بخصوص جدوى القرار إياه، وطرح بدائل أكثر إبداعا وحرفية، وليس لما قد يقترحون إضافته على شكوى الأستاذ من تجربتهم الميدانية مع حرية التعبير والتعسف الرقابي مثلا، بل من كون المجلة مجرد "باب رزق", وموردا –متذبذبا- لـ"مصريات أجرة الغرفة بمزة جبل" لا أكثر. ما يذكرنا بالإقالات التي كانت تتسرب من مكتب غسان عبود أحيانا لبعض مراسلي محطة "المشرق" وهم في الميدان، على رأس تغطياتهم الصحفية.
وكل هذا, من شربجي وعبود، في استلهام تاريخي متسلسل، ومتصل بمسيرة الإعلام المحلي حتى الآن، والذي ما فتئ يحيل من حوله على فنون "الطميمة", و"الانقلابات الخلاقة", والمصادر الخارجية، لمعرفة أحوال البيت وآله.* فكيف به –هذا الإعلام- إذا مصدرا لغيره للمعلومة والنبأ؟
ناهيك عن أن ما نعلمه، والحديث يدور عن الرقابة، وحجب المعلومات، هو أنه قد سبق للمقص الرقابي للسيد شربجي نفسه أن مرّ على مواد كثيرة في ملفات سابقة تناولتها "شبابلك"، وذلك ليس بحكم أعباء منصبه فحسب، وإنما انطلاقا من آراءه ومعتقداته الشخصية أيضا. وملف العدد الأخير بالذات الذي غصّ به السيد وزير الإعلام لاحقا لم يكن استثناء من ذلك، حيث اجتهد فيه السيد شربجي تشذيبا ومونتاجا.**
ومع أن صاحب المجلة قدم في خطابه الأخير الذي اختار أن يلقيه في آخر يوم من مهرجان تستضيفه "دار الأسد للثقافة والفنون"، فروض الطاعة والولاء لأولياء الأمر،*** غير أن ذلك لم يشفع له على ما يبدو لدى الوزارة التي تؤكد دائما وبأسلوبها الخاص، على ذات الولاء.
ليبقى جواب سؤال "الاستشهاد" الإعلامي التطوعي هذا –لئلا نصفه بوصف آخر- معلقا، فيما يخص ارتجاليته، ونجاعته، وتمسك من أقدم عليه بمفهوم "رجعي" لتلك الشهادة، يحيل إلى الاستقالة والهباء، في حين أن الشهادة المنتظرة، إعلاميا أقله، ليست سوى مواصلة "الشهود" من قبل أحياء متشبثين بمثلهم –فرضا- و"أعلامهم" و"إعلامهم" على سبيل التغيير.
كان الأحرى بإدارة المجلة أن تأتسي بتجارب سورية إعلامية ليست خافية على أحد، تطأطئ الرأس حينا، وتنطح به أحايين أخرى، ذات السقف "الوطني" الذي يظلل هامات السوريين جميعهم في هذا البلد. كأسبوعيتي "الخبر" و"بورصات وأسواق" مثلا، واللتين كانتا، ولازالتا، تصدران وفق السياسة التحريرية المبتكرة للوزارة إياها، أي "جمعة إيه، جمعة لأ" أو "صفحة إيه، صفحة لأ".
كما كان للسيد شربجي فيما لو قرأ حوله في بعض المناسبات الاستثنائية في الإعلام السوري –وهو الذي يعد ملفا عنه- أن يستفيد مثلا من تجربة أحد المواقع الالكترونية المحلية الذي قرر رفع دعوى قضائية أمام المحاكم السورية ضد قرار حجبه.
وكل ذلك بدل اعتزال الفن, والانسحاب الكيفي الذي اختارته "شبابلك" لحساب جهات لا تلقي بالا للداخلين والخارجين من حمامها، عكس المثل السائر. اللهم ما لم يكن لدى السيد شربجي "خبريات" لا نعلمها، قد تشي ببعض ما خفي منها، الأجواء المصورة على جدران مكتبه في المهاجرين.
ولكن، نعم، أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، متجاوزا عن فحص "DNA" البروباغاندا الإعلا(نـ)ـي، والتمحيص في وجوه منتسبي شجرة العائلة عن العلامات المهنية الفارقة, والأمراض الوراثية.
نعم وقوفنا على أطلال "شبابلك"، و"المشرق"، المتوقفتين الموقوفتين مؤخرا, ليس سوى تربيتةِ "لا حول ولا قوة" –حتى تاريخه- على أكتاف زملائنا وأصدقائنا في كل منهما، بل شد على أيادي زملاءنا وأصدقائنا الذين لازالوا على قيد الإعلام، في "الدنيا", و"شام إف.إم"، و"بقعة ضوء"، و"بلدنا"، و"الوطن"، بل و"تشرين"، و"الثورة"، و"صوت الشعب", و"التلفزيون السوري"..
أقول الزملاء، ذلك أن "المؤسسات"، بحسب التعريف الفانتازي لحاملي أسهم تلك الشركات، شأن آخر ولاشك. أقله إلى أن يعي من يقدمون أنفسهم على أنهم مستثمرو ومالكو وسائل الإعلام السورية، خاصة وحكومية، "إلى جانب محاضرهم العقارية الأخرى، ومناقصات المعكرونة وأغشية البكارة الصينية، ومعارض السيارات"، أنهم، والآن أكثر من أي وقت مضى، ليسوا وحدهم أصحاب القرار فيها.
______________
هوامش
* لصحيفة الوطن شبه الرسمية تجربة فذة على هذا الصعيد، وذلك بعد إحالتها قراءها السوريين إلى موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية لتسقط أخبار بعض الكتاب السوريين والعرب. أنظر أخبار الدعاوى المرفوعة على أصحاب الصحيفة ومديريها في "كلنا شركاء".
** على أن الأستاذ المذكور هنا ليس بدعا من الناشرين ورؤساء التحرير المحليين، والذين يصح في كثير منهم ما قيل فيه.
*** وهذا من حقه طبعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق