2011-02-08

الحزبيون السوريون الجدد ..دماء شابـّة، وشريان مفتوح! (2)

شهادات وآراء شباب في الحياة الحزبية السورية



             حزبيـّون على نفقة العشيرة، وقيادات بالـ(مؤبـّد) 
             (في الحزبية السورية الكردية)


يطيب لبعضهم السياسي بين الحين والآخر أن يردد على أسماع ضيوفه ما طاب له, مقولة أنّ القوى السياسية السورية الكردية تشكل في واقع الحال الحامل الأكبر للحراك السياسي (المعاراضاتي) في البلد, بدء من حبر تواقيع العرائض والبيانات, وصولا إلى عرق تنظيم الاعتصامات وتسيير المظاهرات, كون تلك القوى الكردية-برأي محدثنا- هي الأكثر تسييسا, والأحدّ استنفارا, والأطوع استجابة لتوجيهات قياداتها (القيادات بين قوسين)، وأنّ شيئا لا يمكن أن (ينجز) بدون هذه الحالة التعبوية لمناصريهم (قوسان هنا أيضا).

وطبعا لا تعدم تلك المجالس من ينبري لإدغام (زخم) التيار الديني في التحليل السابق ذكره جنبا إلى جنب مع (الفاعلية) الكرديـّة, رغم ما في تحديد المعالم الحركيـّة لهذا الـ(زخم الديني) من إشكالية, هذا من جهة, ومن جهة أخرى السؤال فيما إذا كان أحد ينوي إعادة رسم إشارة استفهام -استفهامية محضة- عن مدى التداخل بين (القومي) و(الديني) لدى هذه الحركات, على اعتبار أن عددا لا يستهان به من قادة الرأي الروحي المحلي, و(مشايخ) الساحة الدينية السورية -إن صح التعبيران- هم من أصول كردية!

وفي العموم لا يمكن اعتبار جمهور السياسة السورية الداخلية غريبا عن مجمل نشاطات الحراك السياسي السوري ذي المانشيت الكردي, والذي يشكل الشباب عموده الفقري, من قبيل الاعتصامات الصامتة مثلا خارج أسوار كلية الآداب, أو التظاهرات الأكثر صخبا قرب رئاسة مجلس الوزراء, ناهيك عن أحداث أكبر وقعا كالذي جرى في المنطقة الشمالية في آذار 2004, والذي بات يعرف بـ(أحداث القامشلي) وارتداداته حتى دمشق وضواحي العاصمة.

فإلى أي حد هي متميزة تلك العصبية الحزبية لدى الشباب السوري الكردي عنها في باقي قطاعات الشباب في البلد, وهل ثمة تقاطع أو تلاق في الهواجس والهموم يلتقي عليها الجميع, وتغفل عنها أحيانا عين المراقب على سطح الحدث أو الظاهرة؟

عن ذلك يقول محي الدين عيسو وهو صحفي شاب متابع لهذا الشأن:

"أحب أن أوضح في البداية أن الحركة السياسية الكردية في سوريا؛ هي جزء من الحركة السياسية السورية العامة، وجزء من المجتمع السوري الذي يجمع في جغرافيته فسيفساء من القوميات المتعايشة في إطاره، بيد أنّ الشيء المشترك والذي يجمع بين هذه القوميات؛ هو في واقع الحال غياب هذه القوميات عن الحياة السياسية منذ عقود, وذلك لأسباب لسنا بصدد الحديث عنها في الوقت الحالي، إلا أنّ المجتمع الكردي كانت له خصوصية من حيث تعرضه للقمع, لتأتي انطلاقة الحركة السياسية الكردية في عام 1957 -العام الذي تأسس فيه على الأرض أول تنظيم كردي في سورية, وحمل في حينه اسم (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا)- كضرورة وطنية وقومية, وتجسيدا لإرادة هذا الشعب عبر ممثل شرعي له، حيث كان الأستاذ عبد الحميد درويش -والذي يعتبر من بين القيادات والمؤسسين لهذا الحزب- لا يزال شابا طالبا في جامعة دمشق، في ذلك الحين أقبل الشباب الكردي على الانخراط في صفوف هذا الحزب بكثافة شديدة, وشمل إقبالهم ذاك كافة المناطق التي يقطنها أكراد، وساهم هذا العنصر الشاب الذي دخل المعترك الحزبي في نشر مبادئ وأهداف الحزب الأم بين عناصر وأفراد المجتمع الكردي, ونقل هذا التعاطف الحزبي إلى آخرين, حتى إلى أولئك الذين لم يكونوا قد انضووا تحت لوائه, مدفوعين بمبدأ ما يؤمنون أنّه تحقيق (الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سورية)، إضافة إلى زرع ثقافة التآخي العربي – الكردي داخل المجتمع السوري، وعليه يمكننا القول بأن المجتمع الكردي في سوريا هو مجتمع مسيس بشكل عام, إنما وغير متحزب بالشكل المطلوب."

ما هو الدور الذي تلعبه العائلة والعشيرة في تحديد الانتماءات السياسية والحزبية للشباب السوري في شمال البلاد؟

"لا يخفى عليك أنّ الانقسامات والانشقاقات والصراعات العشائرية في صفوف الحركة الكردية منذ العام 1965 أدت إلى ابتعاد شريحة كبيرة من الشباب الكردي الحزبي عن صفوف الحركة السياسية الكردية، وهذا أمر واقع, وهي حالة وقفت للأسف حائلا دون إتاحة الفرصة أو المجال أمام الشباب السوري الكردي كطاقة فعالة من الوصول بأفكارهم إلى قمة الهرم القيادي, والذي أصبح مع مرور الوقت (محتكرا) بيد من تسلموا الزعامة فيه, وينوون الاستمرار فيها (إلى الأبد!)"

هل من الممكن للمراقب تلمس تأثيرات هذا الوضع على الشارع الشبابي الكردي؟

"بالطبع, هناك ملاحظات كثيرة يمكن الإتيان بها كشاهد في هذا المجال, فأكبر تجمع شبابي للطلبة السوريين الكرد على سبيل المثال موجود كما هو معروف في جامعة حلب، إذ يربوا عددهم هناك على الـ(5000) طالب وطالبة، في حين أنك إذا دققت وأحصيت بينهم من هم منخرطون عمليا في صفوف الحركة السياسية الكردية؛ فإنك ستجد أن هؤلاء لا يتجاوز عددهم في أحسن تقدير الـ(300) حزبي, وهذا الأمر إن كان لنا أن نستدل منه على شيء, فهو يدلنا على عدم اكتراث أو اهتمام هؤلاء الطلبة بما تحاول أحزابهم الكردية أن تستميلهم به من سياسات, وهذا الانفضاض عن تلك الأحزاب من قبل الشباب إنما يأتي كنتيجة طبيعية وموضوعية لما آل إليه واقع تلك الأحزاب والتيارات, من خلافات وانشقاقات وصراعات من دون مضمون أو مغزى, ناهيك عن سبب آخر متمثل في أنّ جلّ أولئك الشباب السوري الكردي يفضلون الابتعاد عن الحياة السياسية العامة اليوم لحساب التفكير والانشغال بتوفير لقمة العيش, والتي أصبحت مستعصية على المواطن السوري على الإجمال."

ما هو برأيك سبب تدني حجم مشاركة الشباب الحزبي الكردي في الأحزاب السورية التي ليس لها طابع قومي محض, هل ثمة موضوعيا ما يحول بين هؤلاء الشباب و(اندماجهم) في بقية الطيف الحزبي السوري الأوسع؟

"هناك شيء يجب توضيحه في البداية, وهو أنّ عدم تفهم الأحزاب السورية الأخرى لطبيعة الحركة السياسية الكردية وأهدافها الديمقراطية؛ أسهم مع الوقت في جعل الأحزاب والحركات والتيارات السياسية الكردية تعيش حالة من الانغلاق, ودفع باتجاه هيمنة الفكر الانعزالي على التوجه السياسي الكردي العام.

وهذا بدوره فتح الباب واسعا أمام البعض لإيهام الناس والرأي العام الوطني السوري بأن ولاء الحركة الكردية السياسية إنما هو ولاء للخارج, ناهيك عن اتهام الحراك السياسي الكردي بأنه حراك ذو مآرب انفصالية, وجرى كل ذلك بهدف حرمان القوى الكردية السورية من تحصيل أي دعم على المستوى الوطني, والحيلولة دون إدراج (القضية الكردية) ضمن أجندة القضايا السورية التي تبحث في العموم عن أجوبة وحلول عادلة وعاجلة.

وأنا آسف إذ كنت مضطرا لهذه المقدمة كي أوضح أن هذه السياسات التي أسلفت الحديث عنها أوصلت في النهاية إلى أن يتوجه الشباب الكردي السوري باتجاه التمسك والتشبث بأحزابه (القومية), وأدت به إلى العزوف عن محاولة الاقتراب من التيارات والأحزاب السورية الأخرى, أو السعي إلى الانخراط في صفوف قوى وطنية سورية غير كردية, وربما يكون الاستثناء الوحيد في هذا السياق هو ما جرى عمليا ضمن الأحزاب الشيوعية السورية, والتي كانت تعج بالشباب الكردي في وقت من الأوقات"

....فماذا عن اليوم إذا؟

"اليوم, ومع مرور الزمن, وانتشار ثقافة ومبادئ حقوق الإنسان, وبعد أن طفت على السطح ظاهرة (المجتمع المدني)، وبفضل ما أتاحته التكنولوجيات المتقدمة لنا من وسائل اتصال وتواصل, والفضاء الرحب الذي وسعته لنا شبكة الانترنت، ناهيك عن التواصل الذي قام بين معتقلي الأحزاب الكردية والأحزاب السورية الأخرى داخل السجون؛ أقول بعد كل هذا الذي ذكرت وبفضله انخرطت أعداد كبيرة من الشباب الكردي السوري في جمعيات حقوق الإنسان التي نشأت مؤخرا, كما في منظمات المجتمع المدني الأخرى, والأحزاب الديمقراطية السورية التي تدعو إلى مبدأ (المواطنة) واحترام حقوق الإنسان, وهذا بدوره أوصل إلى قيام ائتلافات وتشكيل تحالفات مع الأحزاب والقوى السياسية السورية الأخرى كـ(إعلان دمشق) دمشق مثلا, وذلك كله بغرض التوصل إلى صيغة مشتركة للعمل ضمن إطار النضال الوطني العام والشامل."

بماذا يمكن أن يتميز الخطاب السياسي للسوريين الأكراد, وخاصة الشباب الحزبي المنضوي في راية قوى سياسية كردية, كي يتجاوز-من طرفه على الأقل- عوائق الاتصال تلك التي أسلفت الحديث عنها؟

"باختصار شديد, على الشباب الحزبي السوري الكردي أن يعمل جاهدا وسريعا على التخلص من كل تلك العقد الحزبية المبثوثة والمزروعة في الموروث الثقافي والاجتماعي، وعلى الشباب بالذات السعي بكل ما أوتوا من طاقة من أجل محاولة تصحيح بعض المسارات، والعمل على تحقيق التواصل المستمر مع الآخر المختلف بالرؤية كردياً وسورياً, منطلقين في كل هذا من اعتبار واحد, وهو أن هذا الوطن الذي يجمعنا يجب أن يكون للجميع, بعيداً عن الانتماءات القومية والدينية والطائفية, بغية تطور المجتمع السوري, وتحقيق رفاهيته التي يجب أن تشمل الجميع."


2007

2011-02-06

الحزبيون السوريون الجدد ..دماء شابـّة، وشريان مفتوح! (1)

شهادات وآراء شباب في الحياة الحزبية السورية

           أحزاب بلا شباب؛ فزاعات وهلام سياسي  (تيار قاسيون)


"هناك في مجتمعنا المحلي فراغ تعيشه هذه الشريحة الشابة، بمعنى أن كل القضايا الموجودة خارج البلد وداخله، مضافا إليها ما نعيشه من انحطاط وأمراض اجتماعية تتمثل أمامنا بالفساد والبطالة والهجرة خارج البلاد ...هي أمور في واقع الحال تعمل على تحفيز الرغبة بالتغيير لا وأدها"

بهذه الفاتحة تستهل لينا الحمد طالبة الإعلام في جامعة دمشق حديثها عن تجربتها الحزبية التي لها من العمر الآن ما يقارب السنوات الخمس.

لينا التي تخيرت الانضمام إلى اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين والمعروفة باسم (تيار قاسيون) لا تنظر بعين الرضا إلى كثير من مجايليها الذين فضلوا ترك العمل في الشأن العام لـ(أهله)، معتبرة أن ما يظن هؤلاء أنهم قد تحصلوا عليه من خبرة لا يؤهلهم بحال كي يحكموا على أنفسهم بالعجز التام عن "إضافة أي جديد" وبالتالي أن يكوّنوا "تلك النظرة السوداوية إلى الآتي والتي تقضي بعقم المستقبل"

"عمري 25 عاما –تقول لينا- وإدراكي ووعي السياسي بدأ في فترة ساد فيها سوريا فيما أرى فترة ضمور وجمود وخوف سياسي، وهامش الحرية الذي نالته الأحزاب جاء بعد 2001

فهناك ظروف خاصة عاشتها البلاد خصوصا في نهاية السبعينات ونخاية الثمانينات، راكمت أشياء من العسير أن تأتي اليوم وتزيحه خلال مدة بسيطة. فأي حراك سياسي يمكن الحديث عنه في الفترة الأخيرة هو في واقع الأمر لازال يدفع ضريبة هذه الظروف، الشيء الذي خلـّف جيلا كاملا من الشباب من دون أيّة خلفية سياسية".

بيد أنّ لينا تعتقد جازمة أن المجال لا زال واسعا أمام الشباب الراغب في الانخراط في العمل الحزبي، وإن كانت تصنف أصحاب ذلك الطموح إلى صنفين (فئة تملك الفكر والطاقة الصادقة لتقدمها لنفسها و للآخرين، وفئة لا يعدوا ما لديها مجرد أحلام وتهيؤات)، معتبرة أنّ هذه الفئة الأخيرة تعاني بدورها من فراغ، وتملأ هذا لفراغ أحيانا بأشياء مشوهة "ستجد بين هؤلاء مثلا من يرتدي صورة غيفارا من دون أن يعرف من هو غيفارا، والذي كان رفع صورته في وقت مضى يوصل إلى أمور لا تحمد عقباها، والشيء ذاته ينسحب على رمز (الزوبعة) شعار الحزب السوري القومي الاجتماعي والذي ظلّ محظورا حتى فترة ليست بالبعيدة، وبشكل أخف ربما مع صور عبد الناصر، وبالتالي حصل نوع من الاستهلاك لهذه الرموز من قبل بعض الشباب مستغلين هامش الانفتاح الذي حصل مؤخرا والقدرة على تداول هذا الرموز بشكل علني في الشوارع والساحات، فصار هناك استسهال وإسراف في التعاطي معها، الشيء الذي لمست فيه شخصيا تعبيرا عن خواء داخلي ومعرفي فيما يخص خلفيات هذه الشعارات ومتضمناتها".

أما الفئة التي تشربت بالفعل الأفكار الحزبية وعرفت حقا معنى الانتماء الفكري –وفق تعبير لينا- فهي فئة "قليلة جدا"، بل وتذهب الحزبية الشابة أبعد من ذلك لتقول أن الذين يعملون بشكل جدي وفق هذه المبادئ "معدودون"، معتبرة أنّه "لو أتيح لنا القيام بدراسة إحصائية في كل حزب على حدة فيما يخص هذا الموضوع بالذات لتبين لنا كم هو مخز ذلك العدد من الحزبيين الفاعلين الذي يمكننا أن نخرج به من المجموع العام".

ولكن ماذا عن سؤال عما إذا كانت الأحزاب المتواجدة على الساحة السورية اليوم لازالت بشعاراتها وأيديولوجياتها ورموزها قادرة على أن تجيب عن أسئلة الشباب السوري اليوم؟

بأسف تهز لينا رأسها وتجيب " عموما...لا، والتاريخ الذي عاشته هذه الأحزاب في فترة سابقة من أربعينيات إلى سبعينات القرن المنصرم، لم يبق منه إلا أولئك الذين لازالوا يقفون ويبكون على أطلاله"، ببساطة تضيف لينا "الأحزاب الراهنة ومن دون تخصيص فقدت ثقة شريحة الشباب بها".

إذا ما الذي لازال يدفع الحزبيين من الشباب إلى التمسك بهذه الأحزاب؟

تجيب لينا على هذه المفارقة بجواب يحوي من البراغماتية أكثر مما يحوي من الأيديولوجيا وتقول "بكل بساطة، الشاب الذي لا يعمل من ضمن تنظيم حزبي ما هو في النهاية سوى مجرد فرد واحد، وبالعمل الحزبي (الجماعي) وحده يبقى هناك فسحة من أمل لدى الشباب للالتقاء مع أشخاص يشبهونهم، وبالتالي يكون ثمة فرصة أكبر للتعاون و العمل بغرض انجاز شيء ما،حتى وإن كان على مستوى تغييرات صغيرة داخل الأحزاب نفسها -مع أن هذا يستغرق وقتا-ولكن ذلك يبقى أفضل في النهاية من ألا يكون هناك من يقوم بهذا على الإطلاق"،وإلا "تحولت الأحزاب إلى فزاعات وخيال مآتى، وبخاصة الأحزاب المشاركة ضمن الجبهة الوطنية التقدمية، والتي استحالت مع الوقت إلى ظلال وهلاميات لا يمكن الإمساك بها"ما يفسر من وجهة نظر لينا على الأقل "تلك الانفصالات و الانشقاقات أو عمليات الفصل و الطرد الحزبيين التي تحصل بين فترة و أخرى، والتي قد تكون مؤشرا على وجود حراك داخل بعض الأحزاب تقوم به فئات قد تكون تعمل على الضد من الطريقة التي (برمجت) عليها هذه الأحزاب، وأنا هنا لا أتحدث عن تيار قاسيون بالذات، فالحزب السوري القومي على سبيل المثال و قع فيه انشقاق واضح بمجرد أن عُرض عليه كرسي في (الجبهة) "

هل هذا يعني أن للحزبيين الشباب فاعليتهم داخل أحزابهم، وأنهم مقتنعون بضرورة التغيير؟

"إلى حد ما –بالنسبة للشطر الأول من السؤال- أمّا عن ضرورة التغيير فهم مقتنعون بذلك، غير أن هذا التغيير لا بد أن يظهر عبر تبدل القيادات بين فترة وأخرى، وهذه مسألة مهمة باعتقادي، وليس لزاما أن يكون المقصود بكلامي مثلا أعلى سلطة حزبية موجودة وهي اللجنة المركزية، -وأنا أتكلم هنا عن قاسيون- بل أخص بحديثي اللجان المنطقية واللجان الفرعية.

إذ لا أجد جدوى مثلا من إعادة انتخاب لجنة فرعية موجودة منذ سنتين لم تقدم خلالهما الشيء الذي كان مطلوبا منها؟ وهذا المثال المصغر يعفيني من ضرب أمثلة أكبر" !

وترى لينا أن مشكلة بقاء الوجوه نفسها في مفاصل الحزب مشكلة تعاني منها القوى السياسية عامة في الأحزاب عموما "وإعادة انتخاب الرموز ذاتها والأشخاص ذاتهم في كل مرة يوصل إلى الجمود، لتصبح القصة استفتاء لا انتخاب، وهذا أمر لا علاقة له بكون هؤلاء الأشخاص هم النخبة أو أنهم الأفضل، فإذا عجزنا عن التغيير على مستوى لجنة مصغرة فنحن بالتالي غير جديرين بأن نطالب بشيء أكبر"

هل تقف القيادات الحزبية في وجه الراغبين بـ(تحريك الأوضاع) من الشباب؟

"ليست المسألة مسألة قيادات بقدر ما هي ربما مسألة كسل في القواعد -الشبابية منها على وجه خاص- ناهييك عن عدم خبرة لدى هؤلاء الشباب وتعوّد على تحمل المسؤولية.

ورغم وجود تثقيف مستمر وتوطيد للفكر؛ بيد أنّ هذه الأمور كلها لا تساوي شيئا ما لم تقترن بالممارسة على أرض الواقع، إذ بإمكان المرء أن يقرأ و يقرأ في الاقتصاد السياسي، وستأتيه المعلومات من كل مكان –وهذه ميزة تحسب للتيار حقيقة- لكن ما لم تتح الفرصة لكل هذه المعارف كي تحتك مع الواقع فإنها ستبقى بعيدة عن التطور.

ولا يكفي أن يكون هذا التفاعل الذي أتكلم عنه داخل التيار نفسه إذ عليّ أن أجلس مع شباب من تيارات أخرى مثلا، أو أن أنزل إلى الشارع حيث محك إنتاجية ما تلقنت"

لم تواجه لينا يوما عوائق ذات بال كمحازب (فتاة) فشاركت بفاعلية حتى الآن ضمن نشاطات تيارها، وقامت بالمهام الموكلة إليها حزبيا على أتم وجه، وهي وإن كانت مصرة على أن جوهر الإشكال في المجتمع "طبقي، لا جنسي"؛ فإن الأمر لم يخل الأمر أحيانا من بعض الحزبيين (الذكور) الذين "قد لا يستسيغون وجود فتاة ناشطة تنزل المظاهرات والاعتصامات، بل ربما تتعرض للمسائلة الأمنية مثلهم تماما"

هذا وتعتزم لينا ترشيح نفسها لانتخابات اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعين السوريين (تيار قاسيون)، وفي حال نجاحها فستكون حينها أصغر الأعضاء سنا في اللجنة، بفارق لا يقل عن  15 سنة عن أقرب مسؤول إليها!

الأمر الذي يعيد إلى الذهن مباشرة تلك الفجوة العمرية الشاسعة في البنية التمثيلية للقوى السياسية السورية، والتي فيما لو تم جسرها ربما تساعد على تجاوز عقبات أخرى لا يزال الشباب يرونها حائلا دون مشاركتهم الفعالة، من نمط ما قد يكون لدى الكوادر الحزبية الشابة مثلا من ملاحظات أحيانا يصعب عليهم الإفصاح عنها في نطاق مؤسساتهم السياسية.

تقول لينا "ليس من السهل عليك كحزبي التوجه بالنقد إلى من هم أعلى منك مرتبة من دون أن توضع عليك إشارة استفهام، كيلا لا أقول تصبح من المغضوب عليهم، مثيرا حولك التساؤلات، من قبيل من هو هذا الذي ينتقد، ومن أرسله، وما هي غايته.....، وكل ما من شأنه تحميل الأمور أكثر مما تحتمل. مع أنك تشهد بأم عينك مثلا بعض الممارسات في (اللجنة الحزبية المنطقية) والتي لا تمت للمنطق بصلة!"

لكن لينا تستدرك بسرعة الذاتي بالموضوعي، بإدراكها أن معيقات الحركة داخل الجسد التنظيمي لا تنفك عن عوائق الحراك السياسي في البيئة التي يعيش فيها ذلك الجسد أو يموت.

وعليه تعتقد لينا أنه "آن الأوان بالنسبة إلينا كبلد يواجه كل هذه التحديات على الصعيد الداخلي و الخارجي أن نحظى بقانون للحياة الحزبية-عم تحكي فيه الحكومة من أربع سنين- يساعد على لمّ جهود مختلف الأطراف الفاعلة لمواجهة هذه التحديات، ناهيك عن ضرورة الخروج من عهد الشتائم والسباب والاتهامات بالعمالة والخيانة، رغم أنني شخصيا لا أتوقع أن ذلك قد يتم تحقيقه في فترة قريبة"

آخر نشاط ميداني في الشارع شاركت فيه لينا بـ(فولارها) الأحمر وقلادتها التي تحمل خارطة البلاد كان السنة الماضية في ساحة المحافظة مع أنها بالكاد تذكر السبب أو المناسبة، لكنها عضو دائم في فريق مسير ميسلون الذي ينظمه التيار بين منزل يوسف العظمة وضريحه كل سنة.

ومهما بدا ذلك غريبا في عيون (أكابر) الحزبيين و(كباريتهم) على مختلف أطيافهم السورية؛ فإن حماس معظم الشباب الحزبي الجديد محكوم اليوم بمنطق الأمور. ولينا قد تكون شاهدا أكثر من ملائم على هذا الطرح، فهي لا تبرح تقيـّم شارق كل فجر تجربتها الحزبية بالورقة والقلم، باحثة في الجدوى وعنها، و"في حال خذلني حزبي فلست مضطرة للبقاء فيه".


2007

2011-01-17

الطقس وأخبار ما قبل التاريخ أهم.. الإعلام السوري يتجاهل السبق "الصحفي" التونسي

Official Syrian Media ignores Tunisian Revolution









انعكست برودة الطقس في العاصمة السورية دمشق صباح اليوم على طريقة تعاطي الإعلام السوري الرسمي وشبه الرسمي مع الحدث الأكثر سخونة في الساعات الماضية وهو فرار الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي" إلى السعودية بعد تصاعد الضغط الشعبي المطالب بتنحيه.

وطالعت صحيفة "تشرين" الحكومية الصادرة وحدها من بين الجرائد اليومية السورية، باعتبار السبت يوم عطلة رسمية، قراءها بخبر يتيم عن تونس حمل عنوان "إعلان حالة الطوارئ في تونس.. بن علي يغادر والغنوشي يعلن توليه صلاحيات الرئاسة مؤقتاً"، معتمدة بشكل رئيسي على أنباء "التلفزة" و"وكالة الأنباء" التونسية. فيما تجاهلت "سميرة مسالمة" رئيسة تحرير الصحيفة، وهي أول سيدة تعين في هذا المنصب، الخبر العربي الأبرز وفضلت في افتتاحيتها توجيه الانتقاد لدور الاتحاد الأوروبي تجاه قضايا المنطقة، المنقاد وراء واشنطن، متجنبة التعليق في السياق على موقف الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" الذي أحجم بالأمس عن منح اللجوء للرئيس التونسي الهارب.

وفيما ظل موقع صحيفة "الوطن" شبه الرسمية بدون تحديث منذ يوم الخميس الماضي، تناول موقع "الوطن أون لاين" التابع للصحيفة ذاتها الخبر التونسي نقلا وتحريرا عن موقع القناة الإخبارية القطرية "الجزيرة". وتصدر عنوان الموقع "الغنوشي يتسلم رئاسة تونس بعد عجز بن علي" صورة كبيرة من الأرشيف لـ"بن علي"، دون أية لقطات للمظاهرات "العارمة" التي عمت الجمهورية التونسية وفق الموقع ذاته. وكان لافتا أن الأخبار التي صنفها محرر الموقع على أنها مواضيع ذات صلة بـ"الاحتجاجات الشعبية" حملت العناوين التالية: "الأسد: سورية مهتمة بتعزيز العلاقات مع موريتانيا"، "فوز كاسح لزين العابدين بن علي وحزبه في انتخابات تونس"، "تونس تجدد العهد لرئيسها خمس سنوات قادمة" !

أما موقعا "شام برس" و"سوريا الغد" شبه الرسميين، فقد وضع أولهما الخبر التونسي في أسفل عناوين قسمه السياسي هذا الصباح، فيما خلت افتتاحيات الثاني، ليس اليوم فحسب، من أي إشارة من قريب أو بعيد للنبأ الإقليمي الأكثر إلحاحا، وشذ ّ موقع "سيريا نيوز"، المقرب بدوره من السلطات، بخبر مفصل على صدر صفحته الأولى تحت عنوان "تونس: الاحتجاجات الشعبية تُطيح بـ(زين العابدين) وتجبره على مغادرة البلاد"، بل ووصف محرر الموقع "بن علي" بـ"الرئيس التونسي المخلوع". لكن ذلك ترافق مع منع "سيريا نيوز" قراءها من كتابة أي تعليق على الخبر.

ووضع موقع "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون" في سوريا خبر "مغادرة الرئيس زين العابدين" في صدر صفحة أنباءه الرئيسية، جنبا إلى جنب مع خبري "أردوغان: سننسق مع سورية ودول ذات علاقة لحل أزمة لبنان"، و"الأبرش يبحث مع تشن تشيلي علاقات التعاون الثنائية"، متجاوزا تجاهل التلفزيون السوري الرسمي نهار أمس مواكبة الحدث بما هو أهله من الأخبار العاجلة التي تقاطرت على السوريين، الذين لم ينتظروا "غيث" قناتهم الرسمية بحسب تعليق لأحدهم، بل سارعوا إلى متابعة الأخبار على قنوات أخرى ليست بالضرورة إخبارية محضة. بيد أن الباحث عن مزيد من الأنباء المتعلقة بالموضوع على موقع "الهيئة" سيفاجئ بأن نتيجة البحث لن تأتي بأي خبر إضافي آخر، لكنه –موقع الهيئة- يبقى أكثر "مواكبة" للأخبار مقارنو بموقع "وزارة الإعلام" السورية التي تجاهلت النبأ كليا، وخلا موقعها من أدنى إشارة للخبر.

وعلى خطى موقع "وزارة الإعلام" التي تراجعت مضطرة مؤخرا عن فصل المئات من العاملين في تلفزيونها الرسمي، تأخرت "وكالة الأنباء السورية - سانا" ،كعادتها، في نشر خبر فرار الرئيس التونسي "بن علي" من البلاد، واختزلته في سطر واحد قالت فيه "وذكرت وكالات الأنباء أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد غادر تونس"، فيما خلا الخبر الذي بثته على موقعها الالكتروني الرسمي من أي إشارة إلى المظاهرات التي عمت المدن التونسية أمس، واكتفى المحرر السياسي في وكالة الأنباء الوطنية الوحيدة في سوريا بموجب القوانين السارية إلى تبني وجهة نظر الرسمية للنظام التونسي، فوصفت "سانا" الاحتجاجات الشعبية في تونس بأنها "أعمال شغب".

وسبق الخبر التونسي الذي شغل وكالات الأنباء العربية والعالمية في صفحة "سانا" أنباء أخرى عن تنشيط "دوريات مراقبة الأسعار" و"حالة الطقس المحلية"، وجاءت أهمية إعلان رئيس الوزراء التونسي توليه الرئاسة مؤقتا في العاصمة التونسية إثر لجوء "زين العابدين بن علي" إلى السعودية بنظر إدارة "سانا" متقدمة درجة واحدة على محاضرة تناولت "الأدوات الحجرية في عصور ما قبل التاريخ"، فيما انشغلت زاوية "الأحداث في صور" على موقع "سانا" ذاته بتكرار ثلاث لقطات رتيبة لنشاط مسرحي وآخر موسيقي وحادث سير!

غير أن الخبر الرئيسي الثابت على شريط الأنباء الدوار على صفحة "سانا" فقد بدا برأي مراقبين "ذا دلالة"، وجاء تحت عنوان "الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بإحداث الصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية..حماية الأفراد والأسر ورعايتها ..تقديم معونات للفئات الفقيرة والهشة وتمكين المستفيدين اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً".

"الناجي" الوحيد من هذا التقصير الإخباري والإعلامي الرسمي "الفاحش" بحسب المتابعين لم يكن صحيفتا "البعث" و"الثورة" اللتان تزامنت إجازتهما الأسبوعية مع وقوع هذه "القصة الإخبارية الفريدة"، إذ لا يتوقع لهما أحد أن "تشذا" عما أتت به "شقيقتهما التوأم تشرين"، وإنما كان في واقع الحال "القناة الإخبارية السورية" التي باشرت "تجريبها" الإخباري باسم "المجتمع العربي السوري"، وبتمويل "منه". فحدث كهذا ينظر محللون إليه على أنه كان قاب قوسين أو أدنى من أن يشكل "أعسر امتحان يمكن لهذه القناة الوليدة أن تخوضه"، وهي"المشكوك سلفا في هويتها واستراتيجيتها بحكم المنشأ". لكن "متفائلين إعلاميين" آخرين يأملون أن يتكرر "اندلاع" أحداث من هذا النوع مستقبلا، أقله لـ"الاطمئنان" على أن بوصلتنا "الإعلامية" المحلية لازالت تعمل.

2010-12-30

عزيز العظمة ..المطلوب من الإسلاميين مضارعة العصر, لا خفة اليد الخطابية

Aziz al-Azma: O Islamists: Live your present time, and enough rhetoric



نصيرا بالغ الحماس لدنيوية الواقع المنفتح جملة و أبدا على التحول ... موغلا في أحافيره النقدية اللاذعة داخل الاجتماع العربي ... وراء حصن للعلمانية يعاند خصومه أنه بات أطلالا دارسة, وينافح هو عن خصب لازال فيه, -على أزمته- رحبا للدراسة...
فهل عساه -وهو المولع بتاريخانية القراءات- يستل ثانية من دون أن يشعر سيف عمه الأكبر يوسف العظمة, لغمار معركة أخرى لا يعول هو نفسه فيها على معجزات. عزيز العظمة على سجيته في حديث خاطف


• يطاَلب الفكر الديني و يُحثُّ دائما من منابر مختلفة على تقديم طروحات إصلاحية, مقصدية و شريعية, تمس متنه المقدس أحيانا أو تكاد. هل يمكننا بالمقابل أن نتوقع جديدا من التناولات العلمانية الحديثة للموضوع العلماني ذاته؟
وبالتالي, ألا تعتقد أن (الاجتهادات) التي قدمت في أفق العلمنة حتى الآن؛ تحتاج بدورها إلى مثل هذه الأطروحات الإصلاحية, وصولا إلى مقاربة أكثر ملائمة للمعاصر المجتمعي؟

من البديهي أن يصار إلى معاصرة كل شيء دينيا كان أم علمانيا, سواء في مجالات الفكر, أو في غيرها من المجالات, وفي الواقع يوجد هناك في العالم أجمع, في جنوب أميركا وفي أوروبا, معالجات ومقاربات تاريخية وموضوعية للعلمانية وتعقدات العلمانية واختلاف مساراتها عن بعضها بعضا حسب الأوضاع المتعينة, وهذا بالطبع أمر أساسي ويجب أن يكون, ولكن لا يمكن الموازاة بين المراجعة العلمانية والمراجعة الدينية, لأن المراجعة الدينية يفترض بها أن تبتدأ من مكان آخر.

المراجعة العلمانية في نظري في إحدى نواحيها إنما هي إلمام بواقع معلمن ومتعين, ومعرفة به, ويقع على عاتق الفكر الديني أن يقر بما حصل من تحولات في مجتمعاتنا في القرنين الأخيرين, وهي تحولات بالغة السعة, وهي بينة بمكان بحيث لا يمكن إنكارها, وبالتالي إن المطلوب ليس (التوازي) وإنما (التمايز) في المقاربات, لأنه لا يمكن بحال أن يوازى بين هذا و ذاك, باعتبار أن لكل من هاتين المقاربتين منطلقات مختلفة ومتباينة, وبالتالي إن كان الدينيون قد (راجعوا) فإن هذا لا يفترض بالضرورة أن نراجع من موقعنا كعلمانيين.

ليس في الأمر عملية تكتيكية أو تحالف تاريخي, فالعلماني ينطلق من الواقع, والديني ينطلق من المتوهم, فعلى الوهم أن يوازي الواقع, وأن يقارب هذا الواقع بدرجات أكبر, وعلى الديني أن يوسع من نطاق هذه المعالجة التي قد تكون جزئية, أو يبدو أنها كانت جزئية في بعض من نواحيها, بغاية تنشيط الفعالية الذهنية والمقدرات التحليلية لهذا الفكر,فالغرض من الطرح العلماني أساسا هو التحليل العياني, والغرض من الطرح الديني هو موائمة ديني تليد مع متطلبات العصر التي يضارعها الفكر العلماني بدرجات لا تقارن مع ما يقدمه الفكر الديني. باختصار؛ يجد الفكر الديني والتصورات الدينية تفسيرها المعرفي في الفكر العلماني, أما العكس فهو ليس صحيحا.

لقد حاول الفكر الديني الاقتراب من واقعنا المعاش, ومن تحولات نظم التعليم والعلاقات الاجتماعية وعلاقات العمل, ومن تحولات النظم القانونية والسياسية إلى منحى علماني و(عالمي أيضا)-وعليه أن يفعل-, بيد أن خطواته شابها التعثر.

طبعا يوجد هناك جملة واسعة من المواقف المتباينة لدى الطرف الديني, تتفاوت بين المتشدد شديد التشدد, والمتحرر شديد التحرر ممن يحاول أن يوائم ما بين نصوص قرآنية أو نصوص حديثية أو تجارب تاريخية, وبين واقع اليوم.

و هذا بالطبع شأن ليس بالسهل, بالنظر إلى أن تلك النصوص نشأت في بيئة وفي عصر مختلف, ومباين تمام المباينة لعصرنا هذا, وبالتالي فإن القضية في رأيي تتطلب أكثر مما هو مبذول الآن, من قبيل ما يصار على سبيل المثال من ترجمة الشورى بالديموقراطية, أو الديمقراطية بالشورى, ففي هذا شيء من خفة اليد الخطابية, وعلى الخطاب الديني أن يخطو إلى أبعد من ذلك, وأن يرى النصوص الدينية في سياق عصرها, و في حدود هذا السياق.

سبق لي مرة في تجمع غلب عليه الطابع الإسلامي في (كوالا لامبور) -عاصمة ماليزيا- أن سئلت: (هل تعني بكلامك يا أستاذ أن النبي لم يفهم القرآن على نحو جيد؟)
فأجبت السائل: (بلى, هو فهم القرآن, ولكن ضمن الحدود العقلية و الثقافية و الذهنية لعصره.)


• ... إذا في أي إطار تضع ما راج مؤخرا على ألسنة بعض من أشد المدافعين عن العلمانية حماسا من دعوة وجهت إلى أوروبا بالذات لإعادة اكتشاف علمانيتها اليوم؟

هي -حسب فهمي- دعوة للتنشيط, بمعنى أن هناك قدرا معينا من الانحسار في التوجه العلماني, خصوصا فيما يتعلق بالجاليات المسلمة المقيمة في أوروبا, وفي رأيي أن ما يقترحه الدكتور جورج طرابيشي –وظني أنك تعنيه- هو بالضبط إعادة تنشيط الفكر العلماني في هذا المجال, وليس ترك الأوروبيين المسلمين وحدهم -و أنا أنوي التشديد هنا على عبارة (الأوروبيين المسلمين)- على اعتبار أنهم متخلفون, وأنهم آتون من كوكب آخر, إلى ما هنالك من هذا النوع من الكلام, أنا أعتقد انهم يجب أن يعاملوا بالمثل.
و إذا كان الجميع الآخر يخضع لمعايير العلمانية, فعلى المسلمين أن يعاملوا بذات الطريقة العلمانية.


• يميل منظرو العلمنة في منطقتنا أكثر فأكثر إلى تبني مقولة أن التغيير من فوق فيما يخص هذا الشأن يوشك أن يكون استراتيجية فاشلة على صعد عدة, بل هناك توجسات تعاند بأن توجها كهذا قد يأتي بنتائج عكس المبتغى. و من ثم جرى اقتراح التأسيس التربوي و التعليمي كطرح بديل, على ماذا يتم الرهان في هذا الصدد بالذات في رأيك؟

أنا أعتبر أن الطرح العلماني موجود فعلا في أجندة المناهج التربوية, يعني أننا نقوم بدراسة التاريخ على أنه تاريخ, وليس على أنه مدونات عجائب, و ندرس الجغرافيا على أنها جغرافيا, لا جغرافيا جبل قاف, وندرس العلوم الطبيعية على أنها علوم, وليس على أنها إعجاز قرآني, وبهذا المعنى, فالمناهج التربوية لدينا معلمنة كليا.

لذلك فإن المناهج التي يجب الانتباه إليها في هذا الإطار, هي مناهج التعليم الديني, التي تنحو إلى المحافظة, والكثير من التشدد, وتسمها نظرة رجعية للعالم وللعلاقات الاجتماعية.

كذلك يجب الانتباه إلى بعض مناهج التاريخ التي ترى في تاريخ الإسلام تاريخا للعجائب و الإنجازات, بالطبع لا ينكر أحد أهمية تلك المنجزات, ولكن من المفترض بنا أن نضع كلا ً في سياقه التاريخي, وضمن حدوده التاريخية.

أما القول بأن الإجراءات العلمانية التي أتت من فوق كانت فاشلة, فهو أمر ليس بالصحيح على الإطلاق, إذ أنه قد تم لنا علمنة النظم القانونية, بمعنى أنه يوجد لدينا نظام مدني في القانون سواء في القضاء أو في العلاقات الاقتصادية و سوى ذلك, كما قمنا أيضا بعلمنة نظم الدولة, حيث يوجد لدينا دولة وبيروقراطية و .... لا سلطنات أو إمارات بالمعنى التقليدي.

وليس هناك (خلافة) -و لن يكون-, كما قمنا كذلك بعلمنة أجهزة التعليم, بمعنى أنه يوجد لدينا مدارس, والطلاب يذهبون إليها لا إلى الكتاتيب, و يذهبون إلى الجامعات, وليس إلى حلقات المساجد -مع أن هذه الأخيرة لا زالت موجودة على نحو ما- ....

فبهذا المعنى كانت الإجراءات الفوقية ناجحة, وهذه الإجراءات الفوقية التي انطوت على قدر كبير من الهندسة الاجتماعية على امتداد أكثر من قرن, لا يمكن نعتها بالفاشلة بأي حال, مع أنه يمكن القول الآن أنها متعثرة ومتأزمة, إلا أن هذا لا يعني الإخفاق, الأزمة تعني أننا نواجه أوضاعا جديدة علينا أن نتلاءم معها.

و القضية بالتالي ليست قضية انتظار نضوج المجتمع, وإن كان علينا أن نعتبر أن المجتمع غير ناضج فإن العمل على إنضاج هذا المجتمع عبء يقع على عاتق الدولة والمثقفين, مع الأخذ بعين الاعتبار طبعا أن للمجتمع العربي والمجتمع السوري بنية متراكبة ككل المجتمعات, و هناك فئات, و مناطق وطبقات و .. الخ

و عليه فإن درجة تغلغل العلمانية فكرا وممارسة متفاوت بين هاتيك الفئات, وإذا كان هناك ثمة فئات يمكن أن نحكم أنها على قدر من التخلف, فان ذلك يرتب علينا بالمقابل العمل على الارتقاء بها.


• يتم من حين لآخر العودة إلى مسارد تاريخية مضنية -إنسانيا أقله- تتعلق بالمذابح و المجازر التي اجترحتها في منطقتنا الطوائف المختلفة -خاصة المسلمة منها- في حق بعضها وحق الآخرين, إلا أن مآس مشابهة سبق ووقعت في أوروبا أيضا, حيث كان السؤال العلماني لحظتئذ -مسيحيا – مسيحيا- بدل أن يكون -إسلاميا – إسلاميا- على ما يجادل اليوم, وبالتالي أين تكمن معرفيا الإضافة التي تسعى أمثال هذه المطالعات التاريخية إلى اقتراحها في هذا المضمار؟

ما تقوله صحيح تماما, فتاريخ التنازع الطائفي لدينا ليس فريدا من نوعه, أو غير قابل للتكرار, إذ يوجد هناك تنازعات طائفية في كل أنحاء الدنيا, إنما باعتقادي أن الشرط اللازم لمقاربة مثل هذه الأمور ليس مجرد الإتيان على ذكر أن السنة و الشيعة مثلا قد تقاتلا في ذلك المكان, و تلك الحقبة, وبشكل مستمر -وهذا صحيح-, وإنما المهم برأيي هو النظر في الظروف الاجتماعية التي أدت إلى تلك التنازعات, لأن عملية الفرز الطائفي تترافق دوما مع عمليات فرز اجتماعية أيضا, وثمة دائما تنازعات بين فئات يحلو لها أن تكسو خلافاتها لبوسا طائفيا.

أما عن التاريخ وما قد يضيفه فأقول أنه لا يمكن لتفكير علماني منضبط أن يقوم دون الإلمام بتاريخية الأمور وتحول الأشياء, ومقدار سعة هذا التبدل, فالتاريخ مجال للتحول وليس مجالا للثبات, وهذا يحدونا -نحن ذوي النظرة التاريخية للأمور- أن نلحظ الكيفية التي تتحول فيها مجتمعاتنا, والصفة التي تنزاح إليها, وأن تلحظ كذلك وتائر تلك التحولات.

وعن ذلك بالضبط ينبثق ما قد قلته في بداية هذا الحديث من كون العلمانية في وجه من وجوهها الفكرية إلماما بالواقع المتعين والمتحول, وبما يقال عن وقائع ثابتة, وحتى القول بالوقائع الثابتة -ومنها الوقائع الدينية- يخضع عندي إلى معيار نظر تاريخي, وإلى ظروف تاريخية, تجعل من التأكيد على الثوابت الدينية أمرا هاما في فترات معينة, وغير ذي أهمية في فترات أخرى.


• ألا تخشى من التجيير الخاطئ لطروحاتك التي قد يرى بعضهم في مقدماتها الحادة استفزازا من نوع ما, خاصة ما تعلق منها بمظاهرتك للعسكري التركي خلاصا من تحزب إسلامي لا تخفى شعبيته اليوم في ذلك البلد؟

القضية ليست قضية اصطفاف مع العسكر كما فهم بعضهم, بل هي مسألة حرص على النظام الدستوري في تركيا, نظام يحاول الحزب الحاكم الالتفاف عليه باللجوء إلى الشارع مباشرة من وراء ظهر العملية السياسية, و في رأيي أن في ذلك سابقة خطيرة جدا, و أعتبرها -كما هي في واقع الأمر- نوعا من الانقلاب على الدولة, و إن اتخذ هذا الانقلاب شكلا دستوريا هذه المرة.
فالشارع هو جزء من العملية السياسية, و ليس جماع العملية السياسية, الشارع هو من يقوم بالانتخاب, أما العمل السياسي التنفيذي, فهو أمر يرجع إلى مجلس النواب, وإلى الحكومة, وإلى الدولة, والدولة جهات, والدولة متمايزة عن الشعب, وهي متمايزة كذلك عن الشارع, وهذا -كما لا يخفى- من المعطيات الأساسية لعلم الاجتماع السياسي.

الدولة كيان ونصاب متمايز, ولا يمكننا أن نخلط بين الدولة وبين الشعب,-وبالطريقة نفسها- لا يمكن الخلط بين البرلمان هو من هو ممثلا للشعب, وبين الشعب نفسه, لأنه عندما يصار إلى انتخاب نائب ما, يصبح هذا النائب نائبا ليس فقط عن منتخبيه المباشرين, وإنما يصبح فاعلا في عملية سياسية تتجاوز معيار النصاب الانتخابي, ذلك أن العملية السياسية في جوهرها أكثر تعقيدا من أن يصار بها إلى الرجوع دوما إلى الشارع كلما عنّ لأحد الأطراف ذلك.

و بسبب من الظرف الحالي بالذات؛ حيث يملك الحزب الحالي الحاكم أكثرية من نوع ما, يجب أن ننتبه إلى أن هذه الأكثرية ليست بالضرورة أكثرية مستديمة, بالنظر إلى أن العملية الديموقراطية في حد ذاتها وبطبيعتها تؤدي إلى تداول السلطة بين القوى والأحزاب السياسية المختلفة. فأن يستغل حزب ما أكثرية في هذا الوقت لكي ينفذ انقلابا على الدستور, أمر غير مقبول في النظام الديموقراطي.

أما فيما يخص مسألة الحريات وما يطرح أحيانا من بدائل لفظية للعلمانية كـ(المدنية) و غيرها فأقول أن هذه عبارة عن حلول خطابية لا معنى لها على الإطلاق, فسواء أأسميناها علمانية أم أسميناها مدنية فالمحصلة النهائية هي عمليا الشيء نفسه, هم يحاولون فقط تفادي لفظة (العلمانية) وهذا شأنهم, وأسأل من يثير قضية الحريات الدينية إن كان هؤلاء يجدون أننا نشهد أي قمع على الفكر الديني أو على المساجد و العبادات؟ .... هل يجدون أننا نحد من حرية نشر الكتب الدينية و حركة المشايخ ؟ هذه ادعاءات غير صحيحة البتة, مشكلة الحريات الدينية مشكلة مفتعلة, وليس عندنا كعلمانيين مشكلة حريات دينية, والشيء نفسه بالنسبة للمسيحيين, فالكنائس مشرعة الأبواب, ونشر الكتب الدينية قائم على قدم وساق, كذلك في كل ما يتعلق بالجمعيات المذهبية والخيرية والنوادي..., ليست هناك مشكلة حريات دينية, ما هذا الكلام. هل هناك ثمة من يمنع الشيخ البوطي من نشر الثقافة الظلامية, أو من يحول دون تمدد القبيسيات في المجتمع؟


• تقترح علينا التأويلات المختلفة -كما للإسلام للعلمانية- مجموعة من التجارب و التفاعلات المجتمعية مع هذه المفاهيم, و تصل هذه القراءات أحيانا بين بعضها بعضا حد المباينة و الافتراق, فإلى أي منها تجد نفسك أميل تساوقا والشرط الاجتماعي المحلي؟

المسألة ليست قضية الاستفادة من هذا النظام أو ذاك, فالعلمانية لا تقوم على استيراد للنماذج من هنا وهناك, العلمانية -كما اقترحها وكما ذكرت في مداخلتي في المؤتمر- هي عملية موضوعية متعينة في التاريخ, و بالتالي فإن التحولات العلمانية, بما تشمل من تحولات في نظم التعليم والمعرفة, والنظم القانونية الخ؛ تتخذ أشكالا مختلفة باختلاف الظروف.

فالعلمانية في فرنسا تختلف عن تلك الموجودة في السويد, أو في بريطانيا, وهلم جرا, وبالتالي فالشيء ذاته ينسحب علينا في منطقتنا.
ومعنى أن العلمانية علمانيات لا يمكن أن يفهم منه أن لكل مكان علمانية خاصة به, بل يعني أن هناك صيرورة تاريخية عالمية سمتها العلمانية, وتتخذ أشكالا مختلفة حسب الظروف, وهذا شيء طبيعي جدا, والشيء ذاته ينسحب على الإسلام, بمعنى أن للإسلام تأويلات كثيرة, وأن التعبيرات السياسية عن الإسلام تتخذ أشكالا متعددة, ومؤهلة لأن تتحالف مع أيديولوجيات سياسية مختلفة, مع الأخذ بالاعتبار, أن الإسلام دين, وأن هناك مجموعة من النصوص المثبتة, وجملة من العبادات الأساسية, ولكن إضافة لذلك هناك تأويلات كثيرة, وهناك اندراجات في سياقات سياسية واجتماعية مختلفة وبهذا المعنى هو (إسلام).


• درجنا فيما يخص حوارات من هذا النوع على إبراز محاور الخلاف و التمايز بين الأطراف, فهل عساك تلحظ نقاطا للتقاطع أو التجاور بين الطروحات العلمانية و ما يتوصل إلى إعلانه الإصلاح الديني بين الفينة والأخرى؟

نقطة الالتقاء التي يمكنني التفكير فيها هي عمليا نوع من السعي المشترك لترشيد وتحديث الفكر الديني, وهذا هو السبيل الذي سيمكن هذا الفكر من الإلمام بالواقع الذي نعيش, وهو السبيل الذي سيعينه كيلا يجنح إلى الحنين -كما هو الحال دائما- نحو أزمان مضت, أزمنة أعني بها نظما اجتماعية انقرضت, ونظما قانونية تقادمت, وعلاقات اجتماعية ما عادت مساوقة للدرجة التي تطور إليها المجتمع, وبالتالي في نهاية المطاف إدخال أو أعمال العقل التاريخي في النظر إلى الشأن الديني ذاته.



• هل تعتقد أنه لا يزال بالإمكان رفع العلمانية كشعار أو مأثور مجتمعي موجه, أم أن العلمانيين يشفقون -إن فعلوا ذلك- أن يحل بها ما حل بغيرها من شعارات طغى في المآل ذكرها على جوهرها؟
و أين يجدر برأيك أن يكون مكانها ضمن أولويات الراهن السوري؟

أنا أعتقد أنه لا زال بإمكاننا أن نضع العلمانية الموضع الذي ذكرت, بالرغم من أنني أظن أن العلمانية لم تكن شعارا يوما, وإنما ممارسة وصيرورة تاريخية, آسفا لأن الكثير من العلمانيين ضمنا لم يتناولوا هذه القضية بشكل مباشر على امتداد عقود.

أما اليوم -وأقصد العشرين سنة الأخيرة- فنحن نشهد هجوما عارما, سياسيا, واجتماعيا, وثقافيا, من قبل الإسلاميين, وهذا الهجوم هو الذي أدى إلى تصدر شعار العلمانية مساحة من مساحات الفعل الثقافي والاجتماعي, ولولا هذا الهجوم على منجزات التحديث, ومنجزات الترقي التي حصلت لدينا في القرنين الأخيرين, لما رفع شعار العلمانية.

وكما سبق لي واقترحت في مداخلتي, فإن شكلا جديدا من الإسلام ما برح يطغى على الساحات العامة, ويلوث أيضا حتى بعضا من الفكر الإسلامي السمح والمنفتح, من خلال ما يطرحه من مزيد التشدد, ومزيد التزمت, ومزيد القراءة الحرفية للقرآن.

في الشأن المحلي أنا أرى أنه لدينا في سوريا خطر أساسي, وهو خطر بالطبع يهدد المنطقة بكاملها, وهو تنامي النزعات الأصولية اجتماعيا, وحتى عسكريا, بمعنى (الإرهاب).

ولدينا كذلك مخاطر تتمثل باحتمال اندلاع نزاعات قد تكون طائفية.
وليس من سبيل لتفادي هذه الأخطار سوى العمل اجتماعيا وسياسيا وثقافيا على تحييد الدين عن السياسة, ونزع الدين عن المجال السياسي, وإلا فسنكون على شفا الدخول في كوارث لا نهاية لها.

وأنا لا أطرح هنا ما قيل عن إحلال العلمانية بدل الدين كدين هي بذاتها للديموقراطية, إذ أنني لا أعتقد في العلمانية دينا, العلمانية نوع من الإدراك و الصيرورة الاجتماعية و المعرفة الموضوعية, هي ليست دينا على الإطلاق, ولا ألزم اشتراطا بين العلمانية والديموقراطية, فهناك دول علمانية غير ديموقراطية, وهناك دول علمانية ديموقراطية, إنما ليس هناك دول دينية ديموقراطية, وإن تزيت العملية السياسية فيها ببعض شكليات الديموقراطية.

يجب أن يصار -فيما أرى- إلى تكامل بين الاتجاهات المختلفة الموجودة عل الساحة السورية فيما يخص الشأن العلماني, إضافة إلى تنشيط المجال الثقافي في هذا المضمار, وأظن أن إنشاء جمعيات في هذا السياق يكتسي قدرا كبيرا من الأهمية, كونه يؤدي إلى نوع من المأسسة لهذا الهدف, ويغطي جانب العمل في المجال الاجتماعي والتوعية بهذا الأمر.



حاوره خالد الاختيار


   ______________________________________

عزيز العظمة: ولد في دمشق عام 1947, دَرَس في جامعة توبنجن بألمانيا, ونال الدكتوراه في العلوم الاسلامية من
أوكسفورد – إنكلترا.
أستاذ في جامعات عربية وعالمية, منها: جامعتا الكويت والشارقة, الجامعة الأميريكية في بيروت, جامعة اكستر -
إنكلترا وبودابست – هنغاريا.
من مؤلفاته : التراث بين السلطان و التاريخ, الإسلام و الحداثة, العلمنة من منظور مختلف,العرب و البرابرة, وغيرها.

(1)- سجال كان أثاره محمد حبش رئيس مركز الدراسات الاسلامية, و عضو مجلس الشعب السوري, في
معرض مداخلته التي تلاها تعقيبا على محاضرة العظمة و التي كان عنوانها (جولة أفق في العلمانية وشأن
الحضارة), وذلك في مؤتمر " العلمانية في المشرق العربي" الذي عقد في دمشق في أواسط أيار - 2007

(2)- المؤتمر الآنف ذكره.

2010-11-30

متى تدخل الـ"D.N.A" في قوانينا بدل المرود في المكحلة؟

 !! Syrian Laws Don`t Recognize DNA Test






من المؤسف أنه برغم كل تلك الادعاءات والأقاويل التي تنخر رؤوسنا صباح مساء على مكبرات صوت أجهزة الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، حول السعي الحكومي المزعوم نحو الإصلاح القانوني والتشريعي للمنظومات القانونية المتقادمة المتهالكة والتي تستجر الحكومة بذريعتها الملايين والملايين من دولارات ويوروات التمويل الأجنبي والدعم الخارجي والشراكات الدولية ومسميات أخرى لا تنتهي؛ تتكشف عند أول محك عملي في حياة ما نطلق عليه اسم "المواطن العادي" و"رجل الشارع" عن كونها مجرد هباء منثور، وضوضاء جعجعة بدون ذرة طحين واحدة.


"المواطن العادي" في نسخة اليوم اسمه "نبيل البستاني"، والمحك دعوى إبطال نسب كان للقضاء السوري فيها رأي غريب وشاذ عن أي منهج علمي، رد فيه الدعوى المثارة وأثبت ما تراءى له أنه النسب العائلي الضيق، مبطلا في الوقت عينه النسب الأسمى الذي يربطنا إنسانيا بالمنجز العلمي البشري في أعلى ذراه حتى الآن.

ويكشف محامي "نبيل" تفاصيل هذه الدعوى التي رفضت فيها إحدى محاكم مدينة حماة السورية النظر في استدعاء الشهود الذين أقر أمامهم المدعى عليه بأبوته للطفل مصداقا لنفي المدعي "نبيل"، والتي ضربت المحكمة ذاتها فيها صفحا عن الأخذ بنتائج تحليل السائل المنوي لدى ستة مخابر معتمدة، والتي تقول صراحة بعقم المدعي "نبيل" وعدم وجود نطاف لديه أساسا تمكنه من الإنجاب، قبل أن تختم المحكمة نفسها سلسلة اجتهاداتها برفض إجراء تحليل "D.N.A"، وهو الإمام الفيصل في مثل هذه الحالات، ولماذا؟ لأن قاضي المحكمة الشرعية هناك لا يعتد بشهادة الـ"D.N.A" بعد.

وبدل أن نكون أمينين لكل تلك الوعود التي تقطعها لنا المكاتب الصحفجية لمسؤولينا الحكوميين شارق كل شمس –ومنها وزارة العدل بحكم الحال- في محاولة منها لتنويمنا مغناطيسيا حول التزامها بتيمات "التطوير" و"التحديث"، ننكفئ فجأة نحو التشبث الأعمى بأمانة "أحكام قدري باشا"، الذي لم يكن لديه في سالف أيامه وغابرها تحاليل عقم مخبرية، أو فحوص "D.N.A" جينية. ولم يكن له بين يدي زمانه وأوانه (1821-1886) من "أدلة العلوم الجنائية" على واقعة بعينها سوى مجاز "دخول (ذلك منه) في (ذلك منها) دخول المرود في المكحلة". لتظل أيدي عدالتنا "الحداثوية" مغلولة إلى حجارة ذلك العصر ورقمه ومخطوطاته.

ألم يأت على بعضنا حين من الدهر ليس ببعيد سمع فيه ترهات حملت الوسم "الشرعي" طالت أجهزة كشف جنس الجنين في بطن أمه، وظلت المسألة حينها مناط جدالات سقيمة وتجاذبات ممضة بين فتاوى تبيح وأخرى تستنكره وثالثة تمنع وتحرم، على اعتبار أن ذلك كله يدخل في ملف "غامض العلم" و"عالم الغموض"، إلى أن مرت بضع سنين ورمينا بعدها وراءنا باستسخاف كل تلك السفسطات التي لا طائل منها، ويصبح من المسلمات حق الوالدين اللجوء إلى مثل هذه الاختبارات الطبية لمعرفة جنس المولود بحسب مشيئتهما الشخصية واختيارهما الحر؟

ألم تسقط مرات عديدة أمام أعيننا مثل هذه المناظرات الفارغة والتي تردنا إلى الوراء عقودا بل وقرونا أحيانا، مجبرة إيانا بصلافة على تغييب العلم والمكتشفات العلمية الناجزة في شؤوننا الحياتية ومعاشنا اليومي؟

هل سنضطر ثانية إلى تعريف المعرف والإعلام عن المعلوم للتذكير بأن فحوص "D.N.A" هي صاحبة القدح المعلى اليوم في "العلوم الجنائية" لتحديد هوية "القتلة" و"المجرمين" و"الإرهابيين" في "بلدتنا الطيبة الآمنة" ذاتها هذه؟

وعلى الضد من مزاعم محكمة حماة بعدم وجود سابقة جنائية بالأخذ بفحص "D.N.A" فإن البرهان يثبت بوجود مثل هذه السابقة في دمشق، ما لم يكن الأمر في نظر القضاة هناك منوطا بأن"لكم دين ولنا دين"!

ناهيك عن أنه ورغم إقرار الأب البيولوجي المدعى عليه بأن المولود هو ابنه أمام شهود، بيد أن المحكمة فضلت عدم استدعاء أي منهم للشهادة بهذا الخصوص.

ليجد بعد كل هذا وذاك خصوم المدعي "نبيل" فسحة ومجالا إلى تهديده بالسلاح الحربي غير المرخص، والتعرض له بإطلاق النار عند أعتاب أحد مخافر الشرطة في حماة مرة، وقرب أحد مقرات الجيش الشعبي مرة أخرى، وغير بعيد كثيرا في الثالثة عن باب المحكمة نفسها.

ولازال مطلق النار مطلوبا من السلطات ومتواريا، لكن أخاه يوفر له الملجأ والمأوى، وبحسب المدعي "نبيل" فإنه قد قام بنفسه في وقت سابق بإرشاد عناصر من الشرطة إلى مكان وجود خصمه المطلوب، لكن العناصر غير المذكورين الذين جاؤوا معه دخلوا ذلك البيت الذي دلهم عليه وزعموا أن الشخص المتواري ليس موجودا فيه، بل وحذروا المدعي من الاتصال بهم مجددا لهذا الغرض.

أما ثالثة الأثافي، فجاءت على يد أحد أقارب مطلقة المدعي "نبيل"، وهو شيخ من أصحاب العمائم، وإمام أحد مساجد حماة، وقد حاول هذا الأخير هو وثلة ممن هم من طينته من المسؤولين الدينيين في جمعيات خيرية ومعاهد تحفيظ القرآن استدراج المدعي وتعليله بالآمال الكاذبة بأن مسألته قد تحل من فتوى من هنا أو أخرى من هناك، وصاروا يرمونه من لحية لأخرى طمعا في تفويت مدة صلاحية تقديم الطعن قانونيا.

على أن كثيرين على ما يبدو قد تبرعوا لنجدة "العبد الفقير نبيل" في محنته هذه، ابتداء بسلسلة من المشايخ المكشوف عنهم الغطاء مرورا بأحد أعضاء مجلس الشعب وانتهاء –ربما- بنافذين وعدوا بإيصال القصة إلى القصر الجمهوري، لا أقل.
غير أن الجميع تقريبا توقفوا في حركة متزامنة عن الرد على هواتفهم النقالة، لأسباب لا تتعلق غالبا بمقاطعة شركتي الخليوي في البلاد. وراح كل يتهرب على "طريقته" و"مذهبه" في التملص والروغان، لينفض الجميع أيديهم دفعة واحدة من التعاطي مع الموضوع، خاصة وأنه ليس في الأمر مال يرتجى، أو "تلميعات" اجتماعية وإعلامية هي دائما متوخاة في مثل هذا المقام الخدمي.

وكان لافتا كذلك ضيق صدر المحكمة والقائمين عليها في حماة مثل كثير من مسؤولينا السوريين بتناول الصحافة للموضوع، وكأنه ليس من حق الناس أن تلجأ للإعلام لبحث قضايا تعنيها، أو كأن القضاة منزهون عن الخطأ والزلل والفساد.

بل إن الأمر يبدو وكأنه امتداد طبيعي لحالة شاذة في انتقاد "ثورة الإعلام الالكتروني" بعد التنكر لـ"ثورة العلوم البيولوجية".
على أن الحالة "المخبرية" السابقة ليست سوى مثال فاقع من الأمثلة العديدة على تخلف قانون الأحوال الشخصية السوري، والذي كان يراد له منذ فترة ليست بالبعيدة أن يستبدل بقانون أكثر تخلفا ورجعية، بهمة مجموعة سرية من بعض أصحاب الضمائر السوداء والأفكار المثيرة للغثيان، والذين لازال كثير منهم على رأس عملهم ووراء مكاتبهم إلى اليوم، ونحن ندفع لهم من جيوبنا رواتبهم، ليستعينوا بها على إفساد مستقبلنا والعبث به.

وفي الوقت الذي يشهد فيه للأطباء السوريين المبرزين في الخارج بمستوى علومهم ومعارفهم، يجد المرء موادا مصمتة في قانون أحوالنا الحالي تصر على إبقاء هؤلاء عاطلين عن العمل في بلادهم، لأن تلك المواد والفقرات تتجاهل ببساطة كل هذه المنجزات، وترمي بها بكل قحة في سلة المهملات، اعتمادا على اجتهادات أكل عليها الدهر وشرب، ولو خرج بعض واضعي تلك الاجتهادات أنفسهم من قبورهم للفظوها اليوم لصالح ما يصلح حياة المواطنين في هذا الزمن وهذه البلد.

ليصل الأمر بأحد القضاة، في قضيتنا التي بين أيدينا هذه، إلى حد توجيه نصيحة "صادقة" للمدعي مفاده أن عليه أن يحمد ربه ويشكره –بالمناسبة "نبيل" يقوم بذلك كل يوم طوعيا- إنما لسبب آخر وفق القاضي، وهو أن كثيرين يتمنون إنجاب أطفال، في حين أن لدى "نبيل" واحدا اليوم وهو يحاول "التبرؤ" منه!

لكن الغائب الأكبر والضحية المسكوت عنها في خضم كل هذا التخبط والفوضى والألم، يبقى الطفل الوليد ذاته، الذي لم تتهجى أي من محاضر وأوراق ومنسوخات الدعاوى والادعاءات هذه اسمه بعد، وظل في المرافعات وتحت قوس العدالة "العمياء" ضميرا مغيبا، وكان عليه منذ أنفاسه الأولى في هذه البلد أن يختبر بلحمه الغض وعظامه الطرية هذه "الطاحون" الاجتماعية والتشريعية الهادرة، التي تنوء أكتافنا نحن "الذين تعودنا" بأحمالها البائسة.

2010-11-27

كتاب بلا حدود.. مكتبة "حنا مينة" في الجولان المحتل

Books Without Borders .. "Hanna Mina" Library in the occupied Golan Heights





بمبادرة من شباب سوريين يقيمون في الجولان المحتل انطلق مشروع "كتاب بلا حدود"، بهدف تلبية الحاجات الثقافية للمجتمع الجولاني تحت الاحتلال، وخلق نواة ثقافية حقيقة، استناداً إلى أن الكتاب يمكن أن يكون نقطة بداية مهمة في الطريق لتحقيق الهدف المرجو.

وقد تلاقت أهداف هذه المبادرة الشبابية الجولانية مع أهداف "رابطة أصدقاء الكتاب"، إحدى منظمات المجتمع المدني المعنية مباشرة بالكتاب، والتي تعمل داخل سوريا.

وتسعى "رابطة أصدقاء الكتاب"، التي تتكون من ناشرين وكتّاب ومترجمين سوريين - أو من في حكمهم -، إلى توسيع انتشار الكتاب والارتقاء به ووضعه بين أيدي الجميع.

وستعمل "الرابطة" على مساعدة الشباب الجولاني في مشروعهم هذا عن طريق تأمين كميات من الكتب، وترميم النواقص لاحقاً.

لهذا تفتح "الرابطة" الباب للراغبين في التبرع بالكتب، وذلك من خلال تأمين مستودع لتجميع هذه الكتب، وخط هاتف لتسهيل التواصل والتنسيق. وتتكفل الرابطة بإيجاد السبل الكفيلة لإيصال الكتب لاحقاً للمكتبات في الجولان المحتل.

http://golanbooks.blogspot.com/


هاتف التنسيق والتواصل:

0957605147
0955357428

2010-11-20

نعم سيدي، كل شيء جاهز لقانون إعلام سيء آخر (2)

Yes Sir, all is ready for another lousy Syrian media law




على أن أخبار المسودة الأخيرة لقانون الإعلام المتوقع لم تبلغ كل الآذان المشنفة للصحفيين والإعلاميين السوريين على ما يبدو، مع أن بعضها نشر عمليا على الانترنت منذ وقت قريب، ورغم تميز عدد من أولئك الإعلاميين بحواس إضافية جوّالة في أروقة صنع القرار المحلي. ما لم يكن الأمر متعلقا بـ"المصيبة أعظم" على رأي الشاعر فيما لوكان منهم من يدري ولا زال يحتسي شرابه من مقاعد الفرجة, التي لن تكون "ببلاش" هذه المرة.

وهذا دليل بدوره على مدى التراخي إن لم يكن الإهمال الذي يتعاطى به الوسط الإعلامي السوري المحلي مع أنباءه وأخباره وعاجل تطوراته هو نفسه. وهو سبب آخر لا يمكن للمرء أن يرفع عقيرته بالصراخ ضده في وجه الحكم والحكومة محملا إياهم جريرته وتبعاته بالكامل. فليست كل مشاكل الإعلام السوري ذات منشأ سلطوي حكومي في النهاية.

ومن الأمور التي تجعل فبركة تلك المواد والبنود في أي قانون سابق أو لاحق للإعلام -مما هو مسيئ للبيئة الإعلامية المحلية- شيئا يسير التحقيق من قبل أي جهة او لجنة أو فرد؛ هو تشرذم وتفرق أهواء أصحاب الشأن أنفسهم كل في متاهته.

فإعلاميو الرسمي قانعون بما قسط أربابهم لهم من لقمة "الحلال" و"وظيفة" الدولة، منكبين على التبشير بما يتنزل على رئيسـ/ـة التحرير، أو عليهم مباشرة من دون حجاب. ملتزمين صراط "سانا"، وحائط اقتصاد الشارع الاجتماعي.

في حين أن نظرائهم من مستنسبي الإعلام الخاص -المستقل بزعمه- لاهثون بإرادتهم أو رغم أنوفهم لتحصيل نسب الإعلان، والمكافئات الهزيلة، والاستكتابات الضئيلة من درج هذا وجيب ذاك. ودائما وراء اللقمة، وإن ضاع الطبق بكامله.

-1-
من المحبط حقا تلك الفجوة غير المبررة بين الصحفيين والإعلاميين السوريين من جهة وبين المنافحين عن حقوق حرية التعبير والإعلام منظمات وأفرادا.

فلئن وقفت المحاذير التحريرية الذاتية، والخطوط الحمر المطاطة عائقا أمام تعاطي معظم الإعلام الحكومي والخاص مع المنشورات الحقوقية حول الانتهاكات والمحاكمات والتوقيفات –باستثناء الالكتروني أحايين كثيرة- فإن مما لايخفى أن من أولئك الحقوقيين من لا يعرف -بحسن نية أم بسوءها وكل منها أنكى من أختها- من الصحفيين والكتاب وأرباب القلم والكيبورد سوى أولئك المنتمين والمحسوبين على الأطراف السياسية المعارضة، والتكتلات والشخصيات المناوئة للحكم، ممن تطلق البيانات بحقهم ليل نهار، وتغطى أدق تفاصيل توقيفاتهم واستجواباتهم ومحاكماتهم من لحظة اعتقالهم إلى نحنحة القاضي أوالجلاد لدى استحقاق تنفيذ الحكم، وتنتقل أخبار أحوالهم سراعا على أثير المنظمات المحلية والدولية، -وكل ذلك من حقهم بلا جدال- في حين يقبع بقية المعنيين بـ"حرية التعبير" إياها وهم الأكثرية -ومنهم الإعلاميون- في أسفل تلة أولويات أولئك الناشطين والحقوقيين.

ليبدو الصحفي والإعلامي السوري على سلم التصنيف ذاك كائنا "تعبيريا" من الدرجة الثانية، في المنزلة ذاتها تقريبا التي تنزله إياها الدوائر الرسمية.

ومرد ذلك كله إلى طريقة الفهم المتخلفة التي يتبناها القائمون على الحقوق من منظمي هذه المنظمات، حيث يطغى "الحق" و"الاستحقاق" السياسي المباشر في صوره الضيقة أحيانا على حقوق أخرى أرحب لا تقل خطرا وأهمية, تعاني بدورها من الانتهاك شبه الروتيني.

فلا يعتد والحال هذه بمعاناة من يرفعون أقلامهم ضد شؤون "عادية" كغلاء المعيشة مثلا، أو ممن يفضحون فجور التعدي على الأملاك العامة وتراث البلد، أم ممن ينافحن بالوثائق والأرقام ضد غيلان الفساد، خاصة –وهنا الخطورة- إن كانوا من إعلاميي القطاع الحكومي، على اعتبار أن للبيت ربا يحميه.

ولا ينبس الحقوقيون –على كثرة لغطهم- في مثل هذه القضايا ببنت شفة، حتى عندما يجرجر أولئك الصحفيون والكتاب إلى قاعات المحاكم، بعد أن يتنمر عليهم المسؤولون المتضررون من كشف عطنهم، بدء بالوزراء "المثقفين"، وانتهاء بمدراء الإدارات العامة المصروفين من الخدمة لسوء الائتمان.
بل يسمع المرء من بين حراس "حرية التعبير" أولئك من يحمل الإعلاميين أنفسهم مسؤولية إهمال ما ينال حقوقهم من إساءات, بذريعة أن تلك الإعلامية أو ذاك الكاتب لم يقيما خيمة عزاء جوالة بمصابهما الصحفي، وإلا فكيف للمنظمات العتيدة –المتابعة والمطلعة والمؤسساتية والخبيرة والمهنية والديموقراطية- أن تعرف ؟!

-2-
وإذا كان من اليسير على المرء أن يلوم غيره بمثل هذه السخاء، فما تراه يوفــّر لنفسه في السياق والموضوع ذاته؟
هل سأل أحد منا نحن المحسوبين على الإعلام والصحافة كم مرة أظهرنا ما يجب علينا أن نظهر من تعاضد مع زملاء لنا يمرون بمثل ما سلفت الإشارة إليه من ظروف ونكبات، مما نتمناه على غيرنا فيما لو كنا نحن من يمر بتلك الظروف؟
ومتى اتصل أحدنا آخر مرة بزميل له صديق كي يحصل منه على رقم هاتف زميل آخر لا يعرفه ممن يعانون أحد هذه المتاعب بقصد الاطمئنان على حاله والوقوف على ما قد يحتاجه ويصدف أن بمقدورنا تقديمه؟

متى حضر أحدنا آخر مرة محاكمة زميل له تحت "قوس العدالة" لا للحصول على تغطية إعلامية خاصة، ومجادلة مسؤول التحرير في مؤسسته الصحفية بضرورة بث الخبر أم لا –وحبذا لو كان-، وإنما لمجرد أن القانون يسمح له بحضور هذه المحاكمات، موفرا نوعا من الدعم المعنوي غير المباشر لزملاءه غي ذلك الموقف؟

كم مرة استجاب أحدنا نحن الإعلاميين والصحفيين لنداء مركز دراسات أوبحوث أو مرصد إعلامي، أو تبرع بمعلومة عن انتهاك، أو خبر يستحق الإشادة، أو فكرة لتحسين الدائرة الإعلامية المحيطة به، نهوضا بالبيئة الإعلامية السورية ككل؟

متى استطلع صحفي منا آخر مرة فرص التدريب والدورات المتاحة من حوله صقلا لأدواته المهنية، أو طالب المؤسسة التي يعمل فيها بتوفير دورات من هذا القبيل له، بدل أن يكتفي بالجلوس و"النق" وحسد زملاء له "دبروا" أنفسهم فيما يشبهها؟

متى عادت خريجة من قسم الإعلام انطلاقا من المؤسسة التي تعمل فيها لتتفقد القصور و"التخلف" الذي كانت تعاني منه أيام الدراسة في الجامعة، ومنتقدة من موقعها وسلطتها الجديدة ما هي أدرى به، بغرض إحراج المقصرين وإخراجهم؟

متى تحدى صحفي منا آخر مرة تكتلات التخلف في مجتمعه، وتلك المنابر التي تدعي لنفسها سلطات رقابية وتوجيهية لم يمنحها لها القانون, ليوقفها شيئا فشيئا عند حدودها؟

-3-
واستطرادا في الأسئلة، متى كانت آخر رسالة أو ملاحظة وجهها أحد منا لمسؤوله المفترض في اتحاد الصحفيين أو وزيره الافتراضي في وزراة الإعلام يفضح فيها تجاوزا، أو يشيد فيها بإنجاز، أو يقترح فيها ما يفيد، عامدا إلى تسجيلها في ديوان الاتحاد أو النقابة أو الوزارة؟

فذلك أن التشاؤم العصابي بات مهنة أخرى رديفة للإعلامي السوري، تغذيها التعميمات الجائرة، والاستغناء غير المنطقي أو الموضوعي عن هذه المؤسسات الإعلامية الحكومية، والتي هي ملك له، والميل التعففي الجزافي لوضع كل من فيها في سلة واحدة، ومنهم زملاء مجتهدون له.
فحال المؤسسات –إن صح إطلاق التسمية عليها أصلا- الخاصة ليس أكثر "طهارة"، وإن في جوانب أخرى.

فمعظم تلك المنشآت التي تتكلف الملايين، تراوح بين أن تكون مجرد واجهات و"فترينات" لزوم وجاهة النعمة المحدثة لأصحابها، أو مجرد استثمار اعتباطي بحسب الموضة الدارجة، أو تكليفا من مرجعيات مطلعة على "غيبنا". لكنها نادرا ما تكون مشروعا إعلاميا خالصا ذا معنى ومبنى.

والدلائل على هذه المزاعم كثيرة وافرة، آخرها ما كان ربما من لجوء قناة "الدنيا" الخاصة إلى أسلوب مميز في "المأسسة".

إذ وبعد الفتح الأمني الذي دشنته بإدخال نظام البصمة الشخصية لإثبات الحضور لدى "موظفيها" كبديل مؤقت عن البصمة الإعلامية الشاردة، عمدت الإدارة الجديدة إلى تمرير أوراق بيضاء للعاملين فيها كي يوقوعوها ليتم ملؤها لاحقا من قبل الهيئة الإدارية –النزيهة والشريفة- بما تشاء من أجور، وساعات دوام، ومتطلبات وظيفية.

ما دفع فنيي مونتاج نشرة الأخبار في القناة إلى اللجوء للإ ضراب احتجاجا على هذا التصرف الصفيق، والذي فاجأ أصحاب "المشروع الإعلامي" إعلامييهم به، وبلا ذرة من حياء، متخيلين أنه لازال بإمكانهم –من الخلفية التي جاؤوا منها- أن يستعبدوا الناس قانونيا، بحيل الحواري السوقية هذه.

-4-
مشكلة أخرى تبقي الهمّ الإعلامي محصورا بالإعلاميين أنفسهم، وشأنا فئويا معزولا ليس من اليسير على بقية فئات المجتمع تلمس خطره عليها –وبالتالي لا خلاص له-؛ هي في الناس الذين لا زالوا لا يرون أنفسهم ممثلين في هذا الإعلام كما ينبغي.
إعلام فشل لدرجة بعيدة في أن يلتقط نبضهم لتقصير أصيل فيه أو عارض، أو مكره عليه، والذي قد يكون في النهاية حصيلة كل تلك الأمراض والقيود التي يرزح تحتها، ليعود فيصدرها إلى محيطه و"جمهوره".

فمعظم السوريين أخذتهم المشاغل فانحدرت قراءتهم ومطالعاتهم لواقعهم، وتراجعت ثقتهم بالمؤسسات من حولهم الحكومي منها والخاص، فخفت حشريتهم "المدنية" بمتاعب غيرهم من المحشورين في الأشغال العامة المؤبدة، كحال الصحفيين.
بل إن معظم السوريين لازالوا يتحرجون من النظر بعينيهم الاثنتين في عين الكاميرا الواحدة وقول ما يعتقدون، أو يشعرون. بدل استظهار تلك الكليشيهات العدمية التي رسخت في أذهانهم على مدى عقود عن "دورهم" المفترض لدى الاحتكاك بالإعلام المفروض.

ولا يشعر كثير من السوريين بجدوى مجزية لـ"الاتصال" أو مقاطعة أو امتداح أو ذم كثير من أولئك "الموظفين" الإعلاميين، خاصة وراء مكنات الإعلام الحكومي. لينقلوا إليهم خبرا عاجلا مفاده أن من يجلس وراء الشاشة أوالجريدة لم يعد أميا تماما، وأنه بات من العسير اليوم أن تنطلي على كل الناس كل الوقت كثير من ترهات البروباغندا العمياء، وأن على الذين يقبضون رواتبهم من عرق وضرائب هذا "الجمهور" أن يفكروا جديا باحترام أنفسهم وغيرهم من الآن فصاعدا.

نعم يحتاج الأداء الإعلامي المحلي السوري حكوميا وخاصا لا إلى نقطة نظام واحدة فحسب وإنما إلى طقم كامل من إشارات المرور، شرط أن تكون صادرة من الجسد الإعلامي ذاته، وليس عن أي وصاية أخرى، وعلى أرضية من حرية العمل والتعبير والمعايير الدولية للصحافة والإعلام، وضمن مؤسسات قانونية ودستورية منتخبة ومعينة وفق معايير الكفاءة والنزاهة وحدها. وإلى ذلك الحين لا يستغربن أحد إن أفاق على قوننات لا يفهمها و لا تفهمه، و لايعنيها منه إلا ما بقدر ما يعانيه منها.

2010-11-15

نعم سيدي، كل شيء جاهز لقانون إعلام سيء آخر (1)

Yes Sir, all is ready for another lousy Syrian media law

(1)


طوال ما يقارب الثماني سنوات ظلت الانتقادات التي أمطر بها الإعلاميون والصحفيون السوريون من مختلف المشارب قانون المطبوعات رقم 50 للعام 2001 محافظة على حدتها وحرارتها.


وهي لا زالت كذلك اليوم أيضا ونحن نستعد لتلقف قانون جديد يجري الإعداد له، والذي سيتفوق دون شك على سابقه من حيث السوء والتخلف، بحسب ما قرأنا عنه وفيه مؤخرا.
على أن أية أضرار إضافية يمكن للقانون الجديد أن يلحقها بجسد الإعلام السوري لن تعدو كونها تنويعا إضافيا على ما في ذلك الجسد المثخن من جروح وندوب وعاهات، تكاد تكون في ذاتها أصلا لأي نكبات أخرى في أي قانون جديد فضلا عن أن تكون ناتجة عنه أو عن غيره.

لدرجة تنتفي معها أي مفاجئة تجاه مواد أو بنود بعينها في التشريع الجديد قد تكون مثارا للندب أكثر منه للانتقاد، إذ أن كل شيء جاهز عمليا لقانون إعلام سوري سيء ثالث، يراد له في الخطابيات أن يسهم في تحسين أداء الإعلام السوري, غير أنه لن يفلح في حال كان أمينا لما فيه من كوارث سوى في تطوير أداء "معامل البصل والكونسروة".[1]

وفيما يلي بعض هذه الأسباب / النتائج التي لا يمكن لأحد على أساسها إلا أن يتأبط شرا من أي قانون جديد أو قديم.


-1-
لن يكون بعيدا جدا ذلك اليوم الذي سيفتح المرء فيه إحدى الموسوعات العالمية الشهيرة والفخورة بموضوعيتها وحصافتها على كلمة "سلبطة" لتظهر له على الفور صورة لوغو "المؤسسة العربية للإعلان" كتعريف مباشر وواف لهذا التعبير الذي باتت له خصوصية سورية لافتة مؤخرا.

فالخدمات التي توفرها هذه المؤسسة لزبائنها الإعلاميين كي تستحق عليه ما تقتطعه من دخلهم الإعلاني هي في أحيان كثيرة أقل من "لا شيء".

وتكاد تكون الرسالة الوحيدة لـ"مؤسسة الإعلان" لعقود هي استغلال سلطاتها الاحتكارية والانتهازية لتجفيف أية منابع محتملة للكفاية المادية والتمويل الذاتي لمختلف الوسائل الإعلامية في البلاد، حارمة إياها من أحد أهم دعائم استقلالها المنشود، وهو الاستقلال الاقتصادي، في ظل غياب أي دعم حكومي مالي مستحق لهذه الوسائل الخاصة.

ليمسي دور المؤسسة الهدام أفدح فأفدح على أبواب –بل في غرفة نوم- أزمة مالية يعرف أصحاب وسائل الإعلام والإعلان كما مديرو المؤسسة الطفيلية إياها أنها بالغتهم. بغض النظر عن التطمينات الوزارية الجوفاء بين حين وآخر، والتي بلغت حدود التضارب والتناقض.

وتفتح "العربية للإعلان" عبر ما تفرضه على وسائل الإعلام الخاص الناشئ، والجبان ماديا، من الضرائب والرسوم والنسب والاقتطاعات والخوات الجائرة والصفيقة الباب واسعا أمام احتكار المتنفذين السابقين والحاليين وأولادهم وشركاهم للقدرة المالية الضرورية لإصدار وتأسيس مؤسسات إعلامية وصحفية وفق المقاييس والمواصفات الرسمية، كأذرع إضافية للبروباغندا الحكومية. مع كل ما قد يشوب ذلك المال من شبهات فساد، نرى انعكاساتها ونسمع صداها بشكل شبه يومي.


-2-
سبب آخر يجعل قانونا مجحفا للإعلام أمرا يسير التطبيق، وهو وجود "المؤسسة العامة للنشر وتوزيع المطبوعات" وتمتعها بصحة وظيفية أكثر من ممتازة حتى الآن.

إذ يكاد من شبه المستحيل أن يمر مطبوع أو مكتوب أو منشور إلا من تحت إبط هذه المؤسسة الديناصور، والتي تستغل عند الطلب طاقاتها الكبيرة وطاقم موظفيها المنتشر على مساحة البلاد لعرقلة توزيع أي صحيفة أو مجلة عبر وسائل باتت معروفة للقاصي والداني، وتكاد المؤسسة نفسها لا تنكرها.
من تأخير التوزيع أو تحديد عدد الأعداد الموزعة، إلى سحب أعداد المطبوعة المغضوب عليها من الأسواق والمكتبات، أو نزع بعض صفحاتها، وصولا إلى منع توزيع المطبوعة نهائيا.

وعلى الضد من شقيقاتها في القطاع العام؛ لا تشكو هذه المؤسسة فيما يبدو من البيروقراطية السورية الممضة، بروتينها الرسمي الأشهر، إذ يمكن لإحدى تلك الإجراءات أن تأخذ طريقها للتنفيذ بسرعات قياسية، وعبر مكالمة هاتفية مقتضبة، وأوامر مرتجلة من قبل هذا المسؤول أو ذاك، كما سبق وأن حصل مع صحيفة الوطن شبه الرسمية، وجريدة بورصات وأسواق المحليتين، وصحيفتي الأخبار والديار اللبنانيتين، على سبيل المثال لا الحصر.

وترفض المؤسسة –التزاما بقانون الحصرية المبنية على أساسه- رفضا باتا، أن توكل مهمة التوزيع لمؤسسات محلية خاصة لا تنقصها الموارد والخبرات أحيانا، ما لم تخضع الأمر لمساومات مجحفة، تبقى تفاصيلها مثار التكهنات كما وقع مرة مع صحيفة "بلدنا" اليومية، والتي تملكها المجموعة المتحدة للإعلام، رغم ما هو مشهود لها من التزام الخط الرسمي في معظم ما تقوم به.


-3-
أما عن اتحاد الصحفيين السوريين فحدث ولا حرج. بدء بتعريفاته التمييزية ضد الصحفيين الذين لا يروقونه، ومرورا باستثناءه صحفيي الإعلام الخاص من عضويته، واحتكاره تمثيل صحافيي البلد في المحافل الدولية –إن كان له أي تأثير فاعل فيها أصلا- وصولا إلى وقوفه مكتوف اليدين، تجاه مصالح من يفترض أنه يمثلهم داخل كيانه وخارجه، وتحوله مع الأيام إلى مركز جباية للاشتراكات من أعضاءه الحاليين، بدل المنافحة عن حقوقهم المادية المتدهورة والمنتهكة.

ولا يسع معظم صحفيي الإعلام الخاص إلا الاكتفاء بالتقاط بعض التصريحات الثمينة من رئيس اتحاد زملائهم "الموظفين" والـ"بلا إبداع" **** في الحكومي، خاصة وهو يقرّع هؤلاء الصحفيين "الخاصـّين" بقول من قبيل "لا يلومن صحفيو هذا القطاع إلا أنفسهم لعدم تمكنهم من توفير مصادر معلومات لموادهم" !

وهو العارف أن اتحاده بقي عاجزا لسنوات طويلة رغم الانفتاح النسبي هنا وهناك في قطاع الإعلام عن استصدار أو طرح تشريع يتيح حرية الحصول على المعلومات أمام الصحفيين السوريين على الجملة، كسبيل بديل عن الطرق الكلاسيكية في تحصيل المعلومة والخبر سوريا، والتي كثيرا ما تعتمد على التلفونات الاستنسابية لرؤساء تحرير الرسمي ذوي السلطة ما فوق الصحفية، أو تسهيلات رئيس الفرقة الحزبية هنا وهناك، أو واسطات شهبندر التجار، أو شيخ الكار، أو دفع الرشاوى، أو الاعتماد على الإحصاءات والمعلومات "المغرضة" للمؤسسات الدولية المتآمرة على اقتصاد البلد وسياسته واجتماعه ورياضته ولحمته الوطنية.
وكل ذلك للتمتع بخمر وعسل بضع ليرات سورية للمادة الواحدة وفق أسعار الصحافة غير المدرجة في بورصة هذه الأيام.

والشيء ذاته ينطبق على أداء وزارة الإعلام السورية، والتي بلغ من "مهنية" ممارساتها أنها تعيق في بعض الأحيان دخول الصحفيين إلى البلاد رغم موافقة جهات أخرى لا تقل عنها نفوذا، وتعرقل بعض المشاريع الإعلامية الإنمائية في الجامعات السورية، وتمنع إعطاء بعض المعلومات الخاصة بالوسط الإعلامي المحلي لإعلاميين سوريين، ناهيك عن فهمها المتأخر لدور الإعلام الحكومي وقصره على تمثيل وجهة نظر الدولة كما جاء على لسان مديرة التلفزيون مؤخرا.

-4-
وإمعانا في النظرة التشكيكية بدور الإعلام السوري الخاص حد ابتذالات التخوين والعمالة أحيانا [2] فليس من المستغرب تماما السعي الرسمي الدؤوب لتدجينه و"تربيته" مع إسناد مهمة طباعة منشورات وزارة الأعلام -والتي هي ملك لكل الإعلاميين السوريين مادامت قائمة- إلى وزارة التربية، رغم الوظيفة المختلفة تماما لهذه الأخيرة.

ولو أن الإعفاءات الضريبية والجمركية الواسعة التي تتمتع بها المؤسسة العامة للمطبوعات توضع في خدمة جميع الصحف والمطبوعات السورية لهان الأمر، لكن خدماتها أيضا وأيضا حكر على المطبوعات والصحف الحكومية، ما يسبغ عليها ميزات تنافسية كبيرة تنعكس لاحقا وحكما على سعر مبيع تلك الصحف -دون الارتقاء بمستواها المهني ضرورة- ما يجعل منافستها لجهة التكلفة المادية الصافية من قبل المطبوعات الخاصة أمرا عسيرا وبالغ التعقيد، في بلد لايزال الإعلام الخاص فيه ناشئا، برؤوس أموال جبانة وعديمة الخبرة. ناهيك عن اضطراب دخل الفرد في البلاد نزولا، وتقلص إنفاق السوريين الضئيل أصلا على القراءة يوما بعد يوم.

ناهيك عن أن فصل عملية الطباعة للصحف الحكومية عن إجراءات التحرير وجعل كل منهما في جزيرة معزولة عن الأخرى, هو قرار أقل ما يقال فيه إنه "غير مهني" و لا يصدر عن خبير بأعراف العمل الصحفي.

-5-
أما "الاتصالات" فقصة أخرى. فـهذه المؤسسة العامة التي وبرغم أرباح جبايتها التي تقاس منذ سنوات بالمليارات إلا أنها تقدم خدماتها للسوريين بمفهوم الصدقة.

وتتعاطى "الاتصالات" مع المساءلات الصحفية والاستجوابات الإعلامية بطريقة فوقية تدعو للغثيان أحيانا،
ولا أحد تقريبا عدا المرضي عن تحريرهم من الصحف الرسمية وأشباهها يجد منفذا ليسأل أحدا فيها مجرد سؤال عن مسببات واقع الخدمة السيئ, والانقطاعات المتكررة أثناء الدخول على شبكة الانترنت المحلية، وبطء هذه الشبكة وغلاء أسعار خدماتها.

مع أن بعضا من أكابر متنفذيها والمسؤولين عنها لا يعدون كونهم –كما تبين لاحقا- لصوصا محترفين وسارقين وقحين للمال العام. [3]

ولا تكلف المؤسسة نفسها عناء الاعتذار عن أداءها المخزي بالمقاييس الإقليمية والدولية، والذي غالبا ما يعقب بعض فصوله ترقيعات إعلانية نافرة، و"وتوك شو" استعراضي أكثر منه مؤتمرات صحفية لكل تلك المنجزات التي لا يجد المرء منها مسمارا على الأرض.

ناهيك عما تضعه من شروط غير مهنية مقابل منحها رخص استثمار مقاهي الانترنت، وتحميلها المواطن العادي جريرة قوانينها المتخلفة، وكادرها الحقوقي والإداري المترهل والذي يحار منذ سنوات في مخارج قانونية لما يحلو للمؤسسة أن تطلق عليه اسم "تهريب الاتصالات عبر الانترنت".

إضافة لكون المؤسسة أداة تنفيذية طيعة لتوقيع سياسة الحجب الرسمية على المواقع الالكترونية السورية وغير السورية، وبمزاجية لا يفقه المتابع لها منهجا ولا منطقا.


(يتبع)
_____________________
[1] تصريح للمعاون السابق لوزير الإعلام طالب قاضي أمين.
[2] راجع صحيفة الوطن اليومية والأحكام القضائية الصادرة بحقها على خلفية مادة تتعلق بـ"سفراء إسرائيل العرب".
[3] راجع بعض مواد الرأي والتحقيقات في الصحف الرسمية في الفترة السابقة.

2010-10-21

29/10 يوم عالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف






في هذا اليوم الحزين، 29/10/2009، قررت محكمة سورية أن قاتلا لشقيقته هو بطل لأنه ادعى أنه قتلها باسم "الشرف"! مئات النساء السوريات يقتلن كل عام تحت هذه الذريعة على مرأى ومسمع وتأييد من الحكومة السورية!

آلاف يقتلن سنويا في سورية والأردن والعراق وفلسطين ومصر والسعودية والجزائر والمغرب وليبيا وغيرها.. على مرأى ومسمع وتأييد من حكومات دول لا تلتزم بأهم مبرر لوجودها: منع التذابح بين مواطنيها!

عشرات الآلاف يقتلن سنويا على مدار الكرة الأرضية تحت مسمى "جرائم الشرف"، الاسم الذي يعبر جيدا عن الانحطاط البشري في هذه الجرائم، على مرأى ومسمع من العالم أجمع.. الذي يقدم "إدانات" نادرا ما ترقى إلى مستوى الفعل على الأرض!

حان الوقت في القرن الواحد والعشرين لكي تنتهي هذه الجريمة القذرة. حان الوقت لكي لا يكون هناك أي مجال للتهاون مع "قتلة الشرف" عبر منحهم عقوبات رادعة تطال كل من حرض أو وافق أو صمت على ارتكاب الجريمة!

لذلك، نعلن هذا اليوم، التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول من كل عام، يوما عالميا للتضامن مع ضحايا "جرائم الشرف"، يوما لكي نتذكر أن هذه الجريمة لن تصير تاريخا أسود ما لم نقم جميعا بمواجهتها دون كلل ولا ملل، دون تساهل ودون أعذار.

وندعو الأمم المتحدة، وجميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان متضمنة حقوق المرأة، وجميع الأحزاب والقوى التي تدعي أنها تعمل من أجل المجتمع، كليا أو جزئيا، كما جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، إلى تبني هذا اليوم لجعله شوكة في حلق مؤيدي القتل الحرام، لجعله سلاحا فعالا في مواجهة جرائم القتل المسماة "جرائم الشرف".

*- هذا الإعلان ليس ملكا لأحد، ويمكن لمن يتبناه أن يعيد نشره بالشكل والطريقة التي يراها مناسبة.

2010-10-10

الثقافة السورية بين الواقعية الغيبية والفانطاستيكية العلمانية (2)



Syrian Ministry of Culture: like Secularism.. don`t like Secularism




9-
كثيرا ما كان يحلو لوزير الثقافة السوري السابق رياض نعسان آغا فرض تصوراته الأدبية الخاصة على غيره، من قبيل تصريحات منشورة له يعلن فيها عن هواه النقدي المتمثل بأن "ما يحتاجه الأدب هو الإيحاء وليس التصريح"، وهو ينظر بذات العين إلى أسلوب الكتابة المفترض به تناول الدين أو السياسة. *(14)

وربما من هذا المنطلق خرج علينا في تصريح - فتوى - آخر له قائلا أن يجب ألا "نقيم الدنيا من أجل موضوع الحجاب في الثقافة العربية"، لأنه موضوع "فـُرض منذ زمن طويل"!!

وإذ يفخر نعسان آغا بأعضاء قيادته الثقافية الذين أتى بهم والملتزمين صراطه المستقيم، نسمع اليوم عن مدرس يرفض تدريس "بريخت" لأنه يهودي وكافر، وآخر يفلتر نصا أدبيا مترجما، من المؤخرات والأحضان، حرصا على الأخلاق العامة وحياء شبيبتنا الطلاب القاصرين، وهذا ليس في محراب كلية الشريعة، أو بطريركية الروم، أو معهد الفتح، أو مجمع أبو النور، وإنما في قاعات "المعهد العالي للفنون المسرحية".

في تساوق لافت مع استمرار انتشار تخوينات المخالفين في الرأي في رقعة أخرى من البساط الثقافي السوري غير الأحمدي هذه الأيام، مثل تفوهات رئيس "اتحاد الكتاب العرب" في سوريا حسين جمعة ضد "بوكر" العربية، وجائزة "نجيب محفوظ" اللتين تشرف عليهما وفقا له "جهات صهيونية"*(15) حيث يلمس المرء استمراء واستدامة ثقافيين لـ"التخوين"، و"التعميل" اللذين سبق لعضو آخر في الاتحاد المذكور -حسن حميد- ومحررين "مقاومين" في صحيفة "الوطن" شبه الرسمية أن كان لهم قصب السبق في بعث هذ العادة المسفـّة
والقميئة من قبرها النتن. *(16)


10-
ما سبق كان بعضا من ملامح البيئة الثقافية التي فاخر السيد الوزير السابق بها مرارا وتكرارا، والتي وصلت وفقا له إلى "ذروتها"، حيث "العالم كله يهنئنا على الدور الثقافي الضخم"، على اعتبار أننا "الآن نعيش حراكاً ثقافياً غير مسبوق"،..كذا. *(17)
ثقافة كهذه هو ما يجعله ممكنا إعادة نشر "تحقيقات" صحفية ثقافية عمرها أكثر من 3 سنوات على أنها جديدة راهنة، في إحدى المطبوعات المحلية الخاصة العائدة من التوقف، دون أن ينتبه أحد أو يلحظ أي فرق أو تطور - تخلف - ما.
وهي الثقافة ذاتها التي تقوي من شوكة رقابات مخزية، كتلك التي تعرقل توزيع صحف محلية خاصة بذريعة حماية البشرة الدينية الحساسة لبعضهم من مواد "مسيئة"، رغم أن المواد ذاتها مصرح بتداولها من قبل رقابات أخرى، لا بل وتنشرها صحف حكومية تلتزم الصراط. *(18)

ولكن هل كان السيد الوزير السابق يدري حقا بحال ثقافة البلد؟ أليس هو من اعترف في وقت من الأوقات كانت فيه دمشق عاصمة الثقافة المتوجة -كما أشيع عنها- بأنه ووزارته العتيدة لا يعلمان شيئاً عن دورهما فيها، وأنه شخصيا غير دار بما يدور في أروقتها والكواليس؟
هل كان السيد نعسان آغا يصغي حقا أو يلقي أي بال لتصريحات تأتي ممن هو أعلى شأنا منه في صالح العلمانية في البلد، وربما من وزراء مثله أيضا، أم أنه كان أكثر انشغالا برفع الدعاوى على منتقديه-الراغب بعضهم بالمصالحة بالمناسبة- وباللقاءات الصحفية التي يمكنه من خلالها الترويج لانجازاته الافتراضية وعلى رأسها ذلك الشيئ الأثير، بل الأثيري المدعو "حوار". ودائما لحساب تصريحات لا يفخر كثيرون من زملاءه سوريين وعربا بتردادها اليوم، من قبيل "لم يجلب لنا الحداثيون غير الإلحاد". *(19)
كان الوزير السابق ليحسن صنعا حقا لو أنه أخذ التنوع الحضاري السوري بعين الاعتبار، ووسع "ترسانته" الدفاعية الثقافية شيئا ما. إذ لم يعد كافيا اليوم الركون اليقيني النهائي إلى مقولات من نمط "الولايات المتحدة تقود العالم عبر قواعدها العسكرية بينما دمشق قادت رسالتها الحضارية"، والتي يعرفها –الرسالة- بأنها "والرسالة معروفة بكل العالم، وهي رسالة القرآن الكريم وهذه ميزة مهمة". *(20)


11-
أليس مؤسفا أن يتحمس سيادته ويظـّهر توقه الشديد لإقامة مآدب الحوار، نظريا على الأقل، ولا يكون المدعوون الأوّل سوى جماعة "الإخوان المسلمين". وهو من قال بالفم الملآن حينها "أتمنى أن يكون لي شرف المساهمة في حوار مع الإخوان"، وهو "حماس" لـ"شرف" لم نعهده في دعوات أخرى له. *(21)

هل من الممكن أن تكون هذه هي حصيلة حوار "أكثر من ‏500‏ شخصية أدبية وإبداعية في الوطن العربي‏" أيام عمله الإعلامي، بحسب ما يقول عن نفسه، متناسيا أن وزارة الثقافة اليوم ليست كالتلفزيون السوري في بداياته، عندما كان سيادته مسؤولا عن قناة واحدة يتيمة، لا مناص للسوري منها، من العلم إلى العلم.


12-
ولعلنا بعد مطالعة كل تلك الشواهد أقرب الآن للاقتناع بحجة الوزراة في إلغاء "مؤتمر العلمانية" في دمشق. نعم، ثمة خلل في أجهزة الصوت العلماني التابعة لوزراة الثقافة السورية بكل تأكيد.

بل لعل المشكلة نابعة من التباس لدى السيد نعسان آغا في الفرق بين كونه وزيرا مسلما للثقافة -وهو مالا ينازعه فيه أحد- وبين كونه وزيرا لثقافة مسلمين بعينهم. وهو أمر لا يمكن أن يستقيم في بلد مثل سورية، والتي أحصى أحد الباحثين فيها ما يزيد عن 40 ثقافة محلية أصيلة، و"أصولية" بالمعنى الإيجابي الذي يحلو للسيد الوزير تعريف الأصولية به.

ولا مكان هنا، لادعاءات إطلاقية لا ضابط لها، ولا عقال. إذ وبعد سفسطة مكرورة حول فتح العين أو كسرها علمانيا، وربط أحدهما ثانية بالإلحاد، يختتم السيد الوزير إحدى مقالاته بالقول: "... وبين الفلسفات التي رفضت حضور الدين حتى في النفوس، فانهارت تلك الفلسفات القمعية، وبقي ما في النفوس راسخاً وسيبقى". *(22)

وإن صح قول الوزير "الذين يطالبون بأن توزع عشرة ملايين نسخة من رواية ناجحة مع الخبز فهذا «فنطاستك» فيه الكثير من التوهّم"، فهل يكون من "التوهم" أيضا والـ"فنطاستيكية" أن نحلم بسرافيس وتكاسي خالية من جحيم الوعـّاظ الأغرار ورؤوس ثعابينهم وأجنحة ذبابهم الشافي؟ ومن هؤلاء وأشياخهم من سبق له أن سجد ثلاثا شكرا لربه على هزائمنا "العربية"، ومنهم الآخر من يرفض اليوم أداء التحية للعلم الوطني. *(23)


13-
لا يطمح أحد في سورية اليوم، ولا يمني نفسه العلمانية الأمارة بالسوء، بتبشير "علمانوي" لاسلكي من نموذج ما يصلنا اليوم عبر احتكارات شركات الهواتف النقالة، والتي اكتشفت على ما يبدو منجما "مباركا" جديدا للذهب، من قبيل إعلان "إحصل على دعاء الرزق الخاص باسمك، أرسل إسمك إلى 1866". ولا نتوقع أن تصبح -وحال الثقافة على ما هو عليه- أي من "إم تي إن" أو"سيرياتل" "سبونسر" للثقافة العلمانية في البلد.

لكن حيفا وظلما كبيرا سيلحق بالسوريين إن تمكن أشخاص مثل البوطي وحبش والنابلسي وسالم ومن هو من طينتهم -بطريقة أو بأخرى- من تسلم دفة الحياة الثقافية الوطنية في سوريا. *(24)

كيف لا، وهذا الأخير –سالم- لم يتورع عن تخصيص كتب دينية دعوية إسلامية كجائزة لإحدى مسابقات الأطفال الثقافية، حتى عندما كان الفائزون أطفالا لآباء غير مسلمين. علما أن دار النشر التي يديرها لا تهتم من قريب أو بعيد بالملل والثقافات السورية الأخرى، ولا يعنيها من التنوع الثقافي الروحي في البلاد إلا "روحها" والسلام.


14-
وكما أن "برامج الحياة في سورية" لن تتوقف لحين صدور أحكام بحق مثقفين في السجون، حيث "الآن يتحدّث بعض الذي يكره أمتنا العربية عن نقص الحرية في التعبير"، علاوة على أن "المثقف ليس معصوما، العصمة للنبي وحده" وفق تعبيرين للسيد الوزير السابق، فإن برامج الحياة نفسها لن تتوقف أيضا وإن طال عمر السيد نعسان آغا داخل قميص الوزير أو مناصب أخرى مع سياسته الثقافية الراهنة. على أمل ألا تتحول وزارة الثقافة إلى "معتقل" للمثقفين المخالفين رأي الوزير ومسلماته. *(25) أو يضطر هؤلاء إلى كتابة وصاياهم وهم أحياء *(26)

لم يكن خبرا (عاطلا) أن نسمع ان رياض نعسان آغا قد تخفف من أعباء منصبه الحكومي الأخير، كي يعود إلى أوراق المنصب الذي عينه فيه الله كما قال "عينني الله سبحانه وتعالى كاتباً منذ أن بدأتُ أخربشُ على صفحات ورقة بيضاء".

نعم، إن الوزير السابق، مجرد وزير واحد، لحقيبة واحدة، صادف أنها تحمل اسم "ثقافة"، لكنه أيضا يتحمل مسؤولية ما كان يجري في عهده وهو القائل "لا أصدر قرارا خلاف رأيي إطلاقا".

ونعم، إن مقالا كهذا قد لا يكفي مردوده المادي كاتب سطوره أو غيره من الصحفيين لشراء فردة حذاء واحدة، لكن هذا ليس مسوغا لنا لترك –كما فعل الوزير- نقد الاعوجاج والانحراف الذي نراه كل يوم. *(27) إنه مما يثلج الصدر أن يكون فعلا "فساد وزارة الثقافة دون العشرة آلاف ليرة سورية"، *(28) لكن من قال أن معيار الفساد في الثقافة مقصور على المالي المحض؟

جلّ ما نرومه في يومنا السوري الثقافي الطويل هذا، هو أن نتيح الفرصة أمام طلابنا السوريين في أحد المعاهد الرسمية ليتمكنوا من الإجابة بوعي وصدق عن سؤال وجهته لهم مؤخرا وزراة التعليم العالي، زميلة وزارة الثقافة في الحكومة ذاتها، وذلك ضمن الموسم الامتحاني الجارف -وليس في اختبار قبول جامعي خارجي مثلا- حول ما يعرفونه عن "الديموقراطية" و"العلمانية"، ولئن كان من المتوقع أن تتعذر أو تتعثر إجابات الطلبة بشكل دقيق وواف عن كلا المصطلحين معا، فدعوا لهم ان يجيبو بصدق عن أحدهما على الأقل، وهذا أضعف إيمان الثقافة، ولا يضعف في شيء من ثقافة الإيمان.


الثقافة السورية بين الواقعية الغيبية والفانطاستيكية العلمانية (1)

...................................
هوامش

*(14)- يتفق معه رئيس اتحاد الكتَّاب العرب في سوريا حسين جمعة، والذي أعطى رأيه بجائزة "نجيب محفوظ" التي تمنحها الجامعة الأميركية في القاهرة، والتي تدرس ضمن مناهجها رواية "الخبز الحافي" للروائي المغربي الراحل "محمد شكري"، وقد وصف جمعة الرواية بأنها "منحرفة" و"شاذة". ناهيك عن نعته بعض الكاتبات السوريات بأنهن سرن "على الطريق ذاته"، وذلك "أملاً في الشهرة والمال" على حد زعمه.

 *(15)- سبق للمذكور اتهام الكاتب المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس بأنه سارق!

 *(16)- راجع ما كتب الأول في بعض الصحفيين السوريين، وما نشرت الثانية في بعض الكتـّاب السوريين.

 *(17)- جريدة "البعث".

 *(18)- راجع "صحيفة سورية تتهم مديرية الإعلام المحلي بتعمد تأخير توزيعها ومنع أعدادها" – كلنا شركاء

 *(19)- هامش سابق، راجع "ارتجالات مزمنة في راهن الثقافة السورية".

 *(20)- تصريح صحفي لوزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا.

*(21)- وهو المعجب ببعض آراء شيخ قناة "الجزيرة" يوسف القرضاوي. راجع كتابات الوزير في صحافة الخليج.

*(22)- مجلة "المعرفة". علما أن قضايا الإيمان والكفر والإلحاد وما إلى ذلك، ليست من شأن الوزير ووزارته، ولا يوجد لها بحسب علمنا اعتمادات من رئاسة مجلس الوزراء لينفق السيد الوزير جل وقته الحكومي وهو يناقشها.

*(23)- راجع ما قيل عن الشيخ الشعراوي في هذا السياق، وخبرا نقلته "بي بي سي" مؤخرا من الجزائر.

*(24)- رغم حق هؤلاء المحفوظ في إبداء آرائهم المحافظة وممارسة عقائدهم.

*(25)- راجع مقابلة مع وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا في "كلنا شركاء".

 *(26)- راجع وصية الروائي السوري حنا مينة.

 *(27)- . يقول السيد نعسان آغا :"فغادرت المسرح وأتيت إلى النقد فاكتشفت أنني قادر على أن أكون ناقداً كبيراً وهذا ما شهد لي به أصدقائي بالسبعينيات لكنني اكتشفت أن الأجر الذي أتقاضاه من الجريدة على المقال الذي يكلفني شهر عمل لا يكفي لشراء فردة حذاء فتركته".

*(28)- تصريحات صحفية لوزير الثقافة السوري السابق رياض نعسان آغا.