!! Syrian Laws Don`t Recognize DNA Test
من المؤسف أنه برغم كل تلك الادعاءات والأقاويل التي تنخر رؤوسنا صباح مساء على مكبرات صوت أجهزة الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، حول السعي الحكومي المزعوم نحو الإصلاح القانوني والتشريعي للمنظومات القانونية المتقادمة المتهالكة والتي تستجر الحكومة بذريعتها الملايين والملايين من دولارات ويوروات التمويل الأجنبي والدعم الخارجي والشراكات الدولية ومسميات أخرى لا تنتهي؛ تتكشف عند أول محك عملي في حياة ما نطلق عليه اسم "المواطن العادي" و"رجل الشارع" عن كونها مجرد هباء منثور، وضوضاء جعجعة بدون ذرة طحين واحدة.
"المواطن العادي" في نسخة اليوم اسمه "نبيل البستاني"، والمحك دعوى إبطال نسب كان للقضاء السوري فيها رأي غريب وشاذ عن أي منهج علمي، رد فيه الدعوى المثارة وأثبت ما تراءى له أنه النسب العائلي الضيق، مبطلا في الوقت عينه النسب الأسمى الذي يربطنا إنسانيا بالمنجز العلمي البشري في أعلى ذراه حتى الآن.
ويكشف محامي "نبيل" تفاصيل هذه الدعوى التي رفضت فيها إحدى محاكم مدينة حماة السورية النظر في استدعاء الشهود الذين أقر أمامهم المدعى عليه بأبوته للطفل مصداقا لنفي المدعي "نبيل"، والتي ضربت المحكمة ذاتها فيها صفحا عن الأخذ بنتائج تحليل السائل المنوي لدى ستة مخابر معتمدة، والتي تقول صراحة بعقم المدعي "نبيل" وعدم وجود نطاف لديه أساسا تمكنه من الإنجاب، قبل أن تختم المحكمة نفسها سلسلة اجتهاداتها برفض إجراء تحليل "D.N.A"، وهو الإمام الفيصل في مثل هذه الحالات، ولماذا؟ لأن قاضي المحكمة الشرعية هناك لا يعتد بشهادة الـ"D.N.A" بعد.
وبدل أن نكون أمينين لكل تلك الوعود التي تقطعها لنا المكاتب الصحفجية لمسؤولينا الحكوميين شارق كل شمس –ومنها وزارة العدل بحكم الحال- في محاولة منها لتنويمنا مغناطيسيا حول التزامها بتيمات "التطوير" و"التحديث"، ننكفئ فجأة نحو التشبث الأعمى بأمانة "أحكام قدري باشا"، الذي لم يكن لديه في سالف أيامه وغابرها تحاليل عقم مخبرية، أو فحوص "D.N.A" جينية. ولم يكن له بين يدي زمانه وأوانه (1821-1886) من "أدلة العلوم الجنائية" على واقعة بعينها سوى مجاز "دخول (ذلك منه) في (ذلك منها) دخول المرود في المكحلة". لتظل أيدي عدالتنا "الحداثوية" مغلولة إلى حجارة ذلك العصر ورقمه ومخطوطاته.
ألم يأت على بعضنا حين من الدهر ليس ببعيد سمع فيه ترهات حملت الوسم "الشرعي" طالت أجهزة كشف جنس الجنين في بطن أمه، وظلت المسألة حينها مناط جدالات سقيمة وتجاذبات ممضة بين فتاوى تبيح وأخرى تستنكره وثالثة تمنع وتحرم، على اعتبار أن ذلك كله يدخل في ملف "غامض العلم" و"عالم الغموض"، إلى أن مرت بضع سنين ورمينا بعدها وراءنا باستسخاف كل تلك السفسطات التي لا طائل منها، ويصبح من المسلمات حق الوالدين اللجوء إلى مثل هذه الاختبارات الطبية لمعرفة جنس المولود بحسب مشيئتهما الشخصية واختيارهما الحر؟
ألم تسقط مرات عديدة أمام أعيننا مثل هذه المناظرات الفارغة والتي تردنا إلى الوراء عقودا بل وقرونا أحيانا، مجبرة إيانا بصلافة على تغييب العلم والمكتشفات العلمية الناجزة في شؤوننا الحياتية ومعاشنا اليومي؟
هل سنضطر ثانية إلى تعريف المعرف والإعلام عن المعلوم للتذكير بأن فحوص "D.N.A" هي صاحبة القدح المعلى اليوم في "العلوم الجنائية" لتحديد هوية "القتلة" و"المجرمين" و"الإرهابيين" في "بلدتنا الطيبة الآمنة" ذاتها هذه؟
وعلى الضد من مزاعم محكمة حماة بعدم وجود سابقة جنائية بالأخذ بفحص "D.N.A" فإن البرهان يثبت بوجود مثل هذه السابقة في دمشق، ما لم يكن الأمر في نظر القضاة هناك منوطا بأن"لكم دين ولنا دين"!
ناهيك عن أنه ورغم إقرار الأب البيولوجي المدعى عليه بأن المولود هو ابنه أمام شهود، بيد أن المحكمة فضلت عدم استدعاء أي منهم للشهادة بهذا الخصوص.
ليجد بعد كل هذا وذاك خصوم المدعي "نبيل" فسحة ومجالا إلى تهديده بالسلاح الحربي غير المرخص، والتعرض له بإطلاق النار عند أعتاب أحد مخافر الشرطة في حماة مرة، وقرب أحد مقرات الجيش الشعبي مرة أخرى، وغير بعيد كثيرا في الثالثة عن باب المحكمة نفسها.
ولازال مطلق النار مطلوبا من السلطات ومتواريا، لكن أخاه يوفر له الملجأ والمأوى، وبحسب المدعي "نبيل" فإنه قد قام بنفسه في وقت سابق بإرشاد عناصر من الشرطة إلى مكان وجود خصمه المطلوب، لكن العناصر غير المذكورين الذين جاؤوا معه دخلوا ذلك البيت الذي دلهم عليه وزعموا أن الشخص المتواري ليس موجودا فيه، بل وحذروا المدعي من الاتصال بهم مجددا لهذا الغرض.
أما ثالثة الأثافي، فجاءت على يد أحد أقارب مطلقة المدعي "نبيل"، وهو شيخ من أصحاب العمائم، وإمام أحد مساجد حماة، وقد حاول هذا الأخير هو وثلة ممن هم من طينته من المسؤولين الدينيين في جمعيات خيرية ومعاهد تحفيظ القرآن استدراج المدعي وتعليله بالآمال الكاذبة بأن مسألته قد تحل من فتوى من هنا أو أخرى من هناك، وصاروا يرمونه من لحية لأخرى طمعا في تفويت مدة صلاحية تقديم الطعن قانونيا.
على أن كثيرين على ما يبدو قد تبرعوا لنجدة "العبد الفقير نبيل" في محنته هذه، ابتداء بسلسلة من المشايخ المكشوف عنهم الغطاء مرورا بأحد أعضاء مجلس الشعب وانتهاء –ربما- بنافذين وعدوا بإيصال القصة إلى القصر الجمهوري، لا أقل.
غير أن الجميع تقريبا توقفوا في حركة متزامنة عن الرد على هواتفهم النقالة، لأسباب لا تتعلق غالبا بمقاطعة شركتي الخليوي في البلاد. وراح كل يتهرب على "طريقته" و"مذهبه" في التملص والروغان، لينفض الجميع أيديهم دفعة واحدة من التعاطي مع الموضوع، خاصة وأنه ليس في الأمر مال يرتجى، أو "تلميعات" اجتماعية وإعلامية هي دائما متوخاة في مثل هذا المقام الخدمي.
وكان لافتا كذلك ضيق صدر المحكمة والقائمين عليها في حماة مثل كثير من مسؤولينا السوريين بتناول الصحافة للموضوع، وكأنه ليس من حق الناس أن تلجأ للإعلام لبحث قضايا تعنيها، أو كأن القضاة منزهون عن الخطأ والزلل والفساد.
بل إن الأمر يبدو وكأنه امتداد طبيعي لحالة شاذة في انتقاد "ثورة الإعلام الالكتروني" بعد التنكر لـ"ثورة العلوم البيولوجية".
على أن الحالة "المخبرية" السابقة ليست سوى مثال فاقع من الأمثلة العديدة على تخلف قانون الأحوال الشخصية السوري، والذي كان يراد له منذ فترة ليست بالبعيدة أن يستبدل بقانون أكثر تخلفا ورجعية، بهمة مجموعة سرية من بعض أصحاب الضمائر السوداء والأفكار المثيرة للغثيان، والذين لازال كثير منهم على رأس عملهم ووراء مكاتبهم إلى اليوم، ونحن ندفع لهم من جيوبنا رواتبهم، ليستعينوا بها على إفساد مستقبلنا والعبث به.
وفي الوقت الذي يشهد فيه للأطباء السوريين المبرزين في الخارج بمستوى علومهم ومعارفهم، يجد المرء موادا مصمتة في قانون أحوالنا الحالي تصر على إبقاء هؤلاء عاطلين عن العمل في بلادهم، لأن تلك المواد والفقرات تتجاهل ببساطة كل هذه المنجزات، وترمي بها بكل قحة في سلة المهملات، اعتمادا على اجتهادات أكل عليها الدهر وشرب، ولو خرج بعض واضعي تلك الاجتهادات أنفسهم من قبورهم للفظوها اليوم لصالح ما يصلح حياة المواطنين في هذا الزمن وهذه البلد.
ليصل الأمر بأحد القضاة، في قضيتنا التي بين أيدينا هذه، إلى حد توجيه نصيحة "صادقة" للمدعي مفاده أن عليه أن يحمد ربه ويشكره –بالمناسبة "نبيل" يقوم بذلك كل يوم طوعيا- إنما لسبب آخر وفق القاضي، وهو أن كثيرين يتمنون إنجاب أطفال، في حين أن لدى "نبيل" واحدا اليوم وهو يحاول "التبرؤ" منه!
لكن الغائب الأكبر والضحية المسكوت عنها في خضم كل هذا التخبط والفوضى والألم، يبقى الطفل الوليد ذاته، الذي لم تتهجى أي من محاضر وأوراق ومنسوخات الدعاوى والادعاءات هذه اسمه بعد، وظل في المرافعات وتحت قوس العدالة "العمياء" ضميرا مغيبا، وكان عليه منذ أنفاسه الأولى في هذه البلد أن يختبر بلحمه الغض وعظامه الطرية هذه "الطاحون" الاجتماعية والتشريعية الهادرة، التي تنوء أكتافنا نحن "الذين تعودنا" بأحمالها البائسة.
من المؤسف أنه برغم كل تلك الادعاءات والأقاويل التي تنخر رؤوسنا صباح مساء على مكبرات صوت أجهزة الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، حول السعي الحكومي المزعوم نحو الإصلاح القانوني والتشريعي للمنظومات القانونية المتقادمة المتهالكة والتي تستجر الحكومة بذريعتها الملايين والملايين من دولارات ويوروات التمويل الأجنبي والدعم الخارجي والشراكات الدولية ومسميات أخرى لا تنتهي؛ تتكشف عند أول محك عملي في حياة ما نطلق عليه اسم "المواطن العادي" و"رجل الشارع" عن كونها مجرد هباء منثور، وضوضاء جعجعة بدون ذرة طحين واحدة.
"المواطن العادي" في نسخة اليوم اسمه "نبيل البستاني"، والمحك دعوى إبطال نسب كان للقضاء السوري فيها رأي غريب وشاذ عن أي منهج علمي، رد فيه الدعوى المثارة وأثبت ما تراءى له أنه النسب العائلي الضيق، مبطلا في الوقت عينه النسب الأسمى الذي يربطنا إنسانيا بالمنجز العلمي البشري في أعلى ذراه حتى الآن.
ويكشف محامي "نبيل" تفاصيل هذه الدعوى التي رفضت فيها إحدى محاكم مدينة حماة السورية النظر في استدعاء الشهود الذين أقر أمامهم المدعى عليه بأبوته للطفل مصداقا لنفي المدعي "نبيل"، والتي ضربت المحكمة ذاتها فيها صفحا عن الأخذ بنتائج تحليل السائل المنوي لدى ستة مخابر معتمدة، والتي تقول صراحة بعقم المدعي "نبيل" وعدم وجود نطاف لديه أساسا تمكنه من الإنجاب، قبل أن تختم المحكمة نفسها سلسلة اجتهاداتها برفض إجراء تحليل "D.N.A"، وهو الإمام الفيصل في مثل هذه الحالات، ولماذا؟ لأن قاضي المحكمة الشرعية هناك لا يعتد بشهادة الـ"D.N.A" بعد.
وبدل أن نكون أمينين لكل تلك الوعود التي تقطعها لنا المكاتب الصحفجية لمسؤولينا الحكوميين شارق كل شمس –ومنها وزارة العدل بحكم الحال- في محاولة منها لتنويمنا مغناطيسيا حول التزامها بتيمات "التطوير" و"التحديث"، ننكفئ فجأة نحو التشبث الأعمى بأمانة "أحكام قدري باشا"، الذي لم يكن لديه في سالف أيامه وغابرها تحاليل عقم مخبرية، أو فحوص "D.N.A" جينية. ولم يكن له بين يدي زمانه وأوانه (1821-1886) من "أدلة العلوم الجنائية" على واقعة بعينها سوى مجاز "دخول (ذلك منه) في (ذلك منها) دخول المرود في المكحلة". لتظل أيدي عدالتنا "الحداثوية" مغلولة إلى حجارة ذلك العصر ورقمه ومخطوطاته.
ألم يأت على بعضنا حين من الدهر ليس ببعيد سمع فيه ترهات حملت الوسم "الشرعي" طالت أجهزة كشف جنس الجنين في بطن أمه، وظلت المسألة حينها مناط جدالات سقيمة وتجاذبات ممضة بين فتاوى تبيح وأخرى تستنكره وثالثة تمنع وتحرم، على اعتبار أن ذلك كله يدخل في ملف "غامض العلم" و"عالم الغموض"، إلى أن مرت بضع سنين ورمينا بعدها وراءنا باستسخاف كل تلك السفسطات التي لا طائل منها، ويصبح من المسلمات حق الوالدين اللجوء إلى مثل هذه الاختبارات الطبية لمعرفة جنس المولود بحسب مشيئتهما الشخصية واختيارهما الحر؟
ألم تسقط مرات عديدة أمام أعيننا مثل هذه المناظرات الفارغة والتي تردنا إلى الوراء عقودا بل وقرونا أحيانا، مجبرة إيانا بصلافة على تغييب العلم والمكتشفات العلمية الناجزة في شؤوننا الحياتية ومعاشنا اليومي؟
هل سنضطر ثانية إلى تعريف المعرف والإعلام عن المعلوم للتذكير بأن فحوص "D.N.A" هي صاحبة القدح المعلى اليوم في "العلوم الجنائية" لتحديد هوية "القتلة" و"المجرمين" و"الإرهابيين" في "بلدتنا الطيبة الآمنة" ذاتها هذه؟
وعلى الضد من مزاعم محكمة حماة بعدم وجود سابقة جنائية بالأخذ بفحص "D.N.A" فإن البرهان يثبت بوجود مثل هذه السابقة في دمشق، ما لم يكن الأمر في نظر القضاة هناك منوطا بأن"لكم دين ولنا دين"!
ناهيك عن أنه ورغم إقرار الأب البيولوجي المدعى عليه بأن المولود هو ابنه أمام شهود، بيد أن المحكمة فضلت عدم استدعاء أي منهم للشهادة بهذا الخصوص.
ليجد بعد كل هذا وذاك خصوم المدعي "نبيل" فسحة ومجالا إلى تهديده بالسلاح الحربي غير المرخص، والتعرض له بإطلاق النار عند أعتاب أحد مخافر الشرطة في حماة مرة، وقرب أحد مقرات الجيش الشعبي مرة أخرى، وغير بعيد كثيرا في الثالثة عن باب المحكمة نفسها.
ولازال مطلق النار مطلوبا من السلطات ومتواريا، لكن أخاه يوفر له الملجأ والمأوى، وبحسب المدعي "نبيل" فإنه قد قام بنفسه في وقت سابق بإرشاد عناصر من الشرطة إلى مكان وجود خصمه المطلوب، لكن العناصر غير المذكورين الذين جاؤوا معه دخلوا ذلك البيت الذي دلهم عليه وزعموا أن الشخص المتواري ليس موجودا فيه، بل وحذروا المدعي من الاتصال بهم مجددا لهذا الغرض.
أما ثالثة الأثافي، فجاءت على يد أحد أقارب مطلقة المدعي "نبيل"، وهو شيخ من أصحاب العمائم، وإمام أحد مساجد حماة، وقد حاول هذا الأخير هو وثلة ممن هم من طينته من المسؤولين الدينيين في جمعيات خيرية ومعاهد تحفيظ القرآن استدراج المدعي وتعليله بالآمال الكاذبة بأن مسألته قد تحل من فتوى من هنا أو أخرى من هناك، وصاروا يرمونه من لحية لأخرى طمعا في تفويت مدة صلاحية تقديم الطعن قانونيا.
على أن كثيرين على ما يبدو قد تبرعوا لنجدة "العبد الفقير نبيل" في محنته هذه، ابتداء بسلسلة من المشايخ المكشوف عنهم الغطاء مرورا بأحد أعضاء مجلس الشعب وانتهاء –ربما- بنافذين وعدوا بإيصال القصة إلى القصر الجمهوري، لا أقل.
غير أن الجميع تقريبا توقفوا في حركة متزامنة عن الرد على هواتفهم النقالة، لأسباب لا تتعلق غالبا بمقاطعة شركتي الخليوي في البلاد. وراح كل يتهرب على "طريقته" و"مذهبه" في التملص والروغان، لينفض الجميع أيديهم دفعة واحدة من التعاطي مع الموضوع، خاصة وأنه ليس في الأمر مال يرتجى، أو "تلميعات" اجتماعية وإعلامية هي دائما متوخاة في مثل هذا المقام الخدمي.
وكان لافتا كذلك ضيق صدر المحكمة والقائمين عليها في حماة مثل كثير من مسؤولينا السوريين بتناول الصحافة للموضوع، وكأنه ليس من حق الناس أن تلجأ للإعلام لبحث قضايا تعنيها، أو كأن القضاة منزهون عن الخطأ والزلل والفساد.
بل إن الأمر يبدو وكأنه امتداد طبيعي لحالة شاذة في انتقاد "ثورة الإعلام الالكتروني" بعد التنكر لـ"ثورة العلوم البيولوجية".
على أن الحالة "المخبرية" السابقة ليست سوى مثال فاقع من الأمثلة العديدة على تخلف قانون الأحوال الشخصية السوري، والذي كان يراد له منذ فترة ليست بالبعيدة أن يستبدل بقانون أكثر تخلفا ورجعية، بهمة مجموعة سرية من بعض أصحاب الضمائر السوداء والأفكار المثيرة للغثيان، والذين لازال كثير منهم على رأس عملهم ووراء مكاتبهم إلى اليوم، ونحن ندفع لهم من جيوبنا رواتبهم، ليستعينوا بها على إفساد مستقبلنا والعبث به.
وفي الوقت الذي يشهد فيه للأطباء السوريين المبرزين في الخارج بمستوى علومهم ومعارفهم، يجد المرء موادا مصمتة في قانون أحوالنا الحالي تصر على إبقاء هؤلاء عاطلين عن العمل في بلادهم، لأن تلك المواد والفقرات تتجاهل ببساطة كل هذه المنجزات، وترمي بها بكل قحة في سلة المهملات، اعتمادا على اجتهادات أكل عليها الدهر وشرب، ولو خرج بعض واضعي تلك الاجتهادات أنفسهم من قبورهم للفظوها اليوم لصالح ما يصلح حياة المواطنين في هذا الزمن وهذه البلد.
ليصل الأمر بأحد القضاة، في قضيتنا التي بين أيدينا هذه، إلى حد توجيه نصيحة "صادقة" للمدعي مفاده أن عليه أن يحمد ربه ويشكره –بالمناسبة "نبيل" يقوم بذلك كل يوم طوعيا- إنما لسبب آخر وفق القاضي، وهو أن كثيرين يتمنون إنجاب أطفال، في حين أن لدى "نبيل" واحدا اليوم وهو يحاول "التبرؤ" منه!
لكن الغائب الأكبر والضحية المسكوت عنها في خضم كل هذا التخبط والفوضى والألم، يبقى الطفل الوليد ذاته، الذي لم تتهجى أي من محاضر وأوراق ومنسوخات الدعاوى والادعاءات هذه اسمه بعد، وظل في المرافعات وتحت قوس العدالة "العمياء" ضميرا مغيبا، وكان عليه منذ أنفاسه الأولى في هذه البلد أن يختبر بلحمه الغض وعظامه الطرية هذه "الطاحون" الاجتماعية والتشريعية الهادرة، التي تنوء أكتافنا نحن "الذين تعودنا" بأحمالها البائسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق