2010-08-08

شبابلك.. وقوف، قف... الإعلام السوري وجدل القشة والبعير

"مفاجئة"، "لم تكن مفاجئة"، "شو الخطوة التانية يا ترى"، "شبابلك + !!!"، "شببلك لببلك، آخر أيامك يا لوميير، وداعااااا", "قلوبنا مع الكرامة في المباراة النهائية", "عقبال سيريانيوز"..

هذه وسواها، بعض من التعليقات والتضمينات، التي جالت محليا الفضاء المفروض والافتراضي عقب الإعلان "الدرامي" عن التوقف الاحتجاجي لمجلة "شبابلك" منذ أيام قليلة.
ولكن هل من الضروري في هذا المقام، الاستهلال بلطميـّة جديدة حول "فتوحات" وزارة الإعلام السورية في الصحافة المحلية, رغم أن رئاسة مجلس الوزراء تفوقت منذ بعض الوقت على وزارتها المختصة، وبدت هذه الأخيرة وكأنها تنهل من معين الأصل ليس إلا؟

والجواب هو لا أبدا، أقله في هذه المناسبة، على اعتبار أن ثمة دائما أشخاصا ومراكز متابعة ومتفرغة لهذا الأمر بالذات, و"ما عم تلحق شغل".

تلك إذا كانت حصة الوزارة، فماذا عن نصيبنا ومصابنا "الشبابلكي" نحن.
ما يلفت النظر حقا، هو أن السيد إياد شربجي صاحب مجلة "شبابلك" ورئيس تحريرها لم يكلف نفسه عند تحضير بيانه ذاك بخصوص قراره إيقاف صدور المطبوعة الشبابية، مجرد التفكير في عناء تبليغ النبأ -غير العاجل بالمناسبة- لزملائه المعنيين، والصحفيين العاملين معه، كي لا أقول "أسرة" المجلة.. فقط "تبليغ" يا جماعة، وليس "مشاورة" لا سمح الله.

ليس لأنه كان من الممكن أن يكون لدى أولئك الصحفيين ما يقولونه مثلا بخصوص جدوى القرار إياه، وطرح بدائل أكثر إبداعا وحرفية، وليس لما قد يقترحون إضافته على شكوى الأستاذ من تجربتهم الميدانية مع حرية التعبير والتعسف الرقابي مثلا، بل من كون المجلة مجرد "باب رزق", وموردا –متذبذبا- لـ"مصريات أجرة الغرفة بمزة جبل" لا أكثر. ما يذكرنا بالإقالات التي كانت تتسرب من مكتب غسان عبود أحيانا لبعض مراسلي محطة "المشرق" وهم في الميدان، على رأس تغطياتهم الصحفية.

وكل هذا, من شربجي وعبود، في استلهام تاريخي متسلسل، ومتصل بمسيرة الإعلام المحلي حتى الآن، والذي ما فتئ يحيل من حوله على فنون "الطميمة", و"الانقلابات الخلاقة", والمصادر الخارجية، لمعرفة أحوال البيت وآله.* فكيف به –هذا الإعلام- إذا مصدرا لغيره للمعلومة والنبأ؟

ناهيك عن أن ما نعلمه، والحديث يدور عن الرقابة، وحجب المعلومات، هو أنه قد سبق للمقص الرقابي للسيد شربجي نفسه أن مرّ على مواد كثيرة في ملفات سابقة تناولتها "شبابلك"، وذلك ليس بحكم أعباء منصبه فحسب، وإنما انطلاقا من آراءه ومعتقداته الشخصية أيضا. وملف العدد الأخير بالذات الذي غصّ به السيد وزير الإعلام لاحقا لم يكن استثناء من ذلك، حيث اجتهد فيه السيد شربجي تشذيبا ومونتاجا.**

ومع أن صاحب المجلة قدم في خطابه الأخير الذي اختار أن يلقيه في آخر يوم من مهرجان تستضيفه "دار الأسد للثقافة والفنون"، فروض الطاعة والولاء لأولياء الأمر،*** غير أن ذلك لم يشفع له على ما يبدو لدى الوزارة التي تؤكد دائما وبأسلوبها الخاص، على ذات الولاء.
ليبقى جواب سؤال "الاستشهاد" الإعلامي التطوعي هذا –لئلا نصفه بوصف آخر- معلقا، فيما يخص ارتجاليته، ونجاعته، وتمسك من أقدم عليه بمفهوم "رجعي" لتلك الشهادة، يحيل إلى الاستقالة والهباء، في حين أن الشهادة المنتظرة، إعلاميا أقله، ليست سوى مواصلة "الشهود" من قبل أحياء متشبثين بمثلهم –فرضا- و"أعلامهم" و"إعلامهم" على سبيل التغيير.

كان الأحرى بإدارة المجلة أن تأتسي بتجارب سورية إعلامية ليست خافية على أحد، تطأطئ الرأس حينا، وتنطح به أحايين أخرى، ذات السقف "الوطني" الذي يظلل هامات السوريين جميعهم في هذا البلد. كأسبوعيتي "الخبر" و"بورصات وأسواق" مثلا، واللتين كانتا، ولازالتا، تصدران وفق السياسة التحريرية المبتكرة للوزارة إياها، أي "جمعة إيه، جمعة لأ" أو "صفحة إيه، صفحة لأ".

كما كان للسيد شربجي فيما لو قرأ حوله في بعض المناسبات الاستثنائية في الإعلام السوري –وهو الذي يعد ملفا عنه- أن يستفيد مثلا من تجربة أحد المواقع الالكترونية المحلية الذي قرر رفع دعوى قضائية أمام المحاكم السورية ضد قرار حجبه.

وكل ذلك بدل اعتزال الفن, والانسحاب الكيفي الذي اختارته "شبابلك" لحساب جهات لا تلقي بالا للداخلين والخارجين من حمامها، عكس المثل السائر. اللهم ما لم يكن لدى السيد شربجي "خبريات" لا نعلمها، قد تشي ببعض ما خفي منها، الأجواء المصورة على جدران مكتبه في المهاجرين.

ولكن، نعم، أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، متجاوزا عن فحص "DNA" البروباغاندا الإعلا(نـ)ـي، والتمحيص في وجوه منتسبي شجرة العائلة عن العلامات المهنية الفارقة, والأمراض الوراثية.

نعم وقوفنا على أطلال "شبابلك"، و"المشرق"، المتوقفتين الموقوفتين مؤخرا, ليس سوى تربيتةِ "لا حول ولا قوة" –حتى تاريخه- على أكتاف زملائنا وأصدقائنا في كل منهما، بل شد على أيادي زملاءنا وأصدقائنا الذين لازالوا على قيد الإعلام، في "الدنيا", و"شام إف.إم"، و"بقعة ضوء"، و"بلدنا"، و"الوطن"، بل و"تشرين"، و"الثورة"، و"صوت الشعب", و"التلفزيون السوري"..

أقول الزملاء، ذلك أن "المؤسسات"، بحسب التعريف الفانتازي لحاملي أسهم تلك الشركات، شأن آخر ولاشك. أقله إلى أن يعي من يقدمون أنفسهم على أنهم مستثمرو ومالكو وسائل الإعلام السورية، خاصة وحكومية، "إلى جانب محاضرهم العقارية الأخرى، ومناقصات المعكرونة وأغشية البكارة الصينية، ومعارض السيارات"، أنهم، والآن أكثر من أي وقت مضى، ليسوا وحدهم أصحاب القرار فيها.
______________
هوامش

* لصحيفة الوطن شبه الرسمية تجربة فذة على هذا الصعيد، وذلك بعد إحالتها قراءها السوريين إلى موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية لتسقط أخبار بعض الكتاب السوريين والعرب. أنظر أخبار الدعاوى المرفوعة على أصحاب الصحيفة ومديريها في "كلنا شركاء".
** على أن الأستاذ المذكور هنا ليس بدعا من الناشرين ورؤساء التحرير المحليين، والذين يصح في كثير منهم ما قيل فيه.
*** وهذا من حقه طبعا.

في سورية ..قصص للأطفال بعد القصاص من المتطفلين

"وليش بدك يانا نحط اسم الكاتب كمان؟ هدول ولاد صغار، شو بيفهمهون بهيك مواضيع" ..
صاحب مكتبة سوري بيفهم.

"والله أخدنا الصور من على جوجل، يعني ما بدها الحكاية، هالرسمات متل ما بتعرف، وظيفتها ثانوية، المهم إنو القصة نفسها يكون ماشي حالها، بعدين كمان اسم الرسام بيشوه الغلاف" ..
كاتب قصص ماشي حالو

"لأ يا أخي لأ، هلأ هوه زات النبي مزبوط، بس نوح عندي غير نوح عند باقي المؤلفين بهديك الأجنحة، المعرض أدامك، روح شوف بعينك، أنا قصصي مضمونة للصغار"..
ناشر قبل الطوفان

" _ بابا، جبلي من هدنك القصص الملونين فوق ؟
_ سد بوزك، والتهي بوظايف المدرسة أحسنلك"
أبو كرم


..وذلك الدكتور السوري الذي وضع اسمه كمؤلف لقصة "سندريلا" إياها, نعم "سندريلا"، وليس مثلا حكاية "ما قبل سندريلا"، أو "سكربينة سندريلا", أو"في رحاب سندريلا", أو"عبدالتواب سندريلا"، وإنما القصة نفسها، "سندريلا". وكما شرح لي أحد الأصدقاء، من باب الولوج في فضاءات العولمة، والنهــل –باللام وليس الباء- من التراث الإنساني الواحد الأحد.

أو، تلك الأشياء التي يصح فيها وصف "المنفستوات"، أكثر منها "كتب" أطفال ويافعين، لما تحتويه من التلقينات "الوطنجية" سريعة الالتهاب، والرسوم الدموية للأعداء "مفرطي الغباء" التي يمكن لطبيب لئيم أن يصفها يوما كمقيئات. ناهيك عن الإخراج الأشبه بطلاسم الشعوذة في القرون الوسطى. وكل ذلك بداعي حب الأرض –بلى حب- والجهاد والمقاومة وأخواتهما.

هذا غيض فحسب من فيض ما قد يقع عليه المرء إذا عنّ على باله تتبع ما يجول في مدار إصدارات دور النشر السورية التي تدعي اهتماما خاصا بأطفال البلد وأدبهم.
أطفال البلد الذين يمارس العنف الجسدي بحق 80% منهم، فيما يتعرض 20% آخرون للتحرشات الجنسية، ويجبر 17% على الانخراط في العمالة غير القانونية.

أطفال البلد، الذين تتمنع الدوائر الرسمية "التقدمية" ذات العلاقة في حكومتهم عن المصادقة لأجلهم على المواد "14" و"20" و"21" من اتفاقية حقوق الطفل العالمية، والتي تتعلق بالتبني، وحرية الفكر والوجدان والدين.

الأطفال، المتوقع لهم أن يشكلوا 50% من التعداد العام للسوريين في الأربعة عقود المقبلة.
أما ختامها، فنظرة على المتاهة التي يفترض أن يمر عبرها من يرغب في الحصول على قبس من إصدارات وزراة الثقافة السورية الخاصة بكتاب الطفل.

إذ وبناء على استراتيجات تسويقية بالغة "الفطنة" و"بعد النظر"، تحظر الوزراة إياها على مراكزها الثقافية اقتناء منشوراتها من كتب الأطفال، فيما عدا الإصدارات الثلاثة أو الأربعة الأخيرة فحسب.

وعليه، وبعد جولة مضنية بين مراكز "أبو رمانة" و"العدوي" و"المزة" و"جوبر" (1) قد ينتهي المطاف بالمرء "المثابر" في مديرية المطبوعات مثلا، متبرما، متسائلا، ليأتيه الجواب من "المسؤول" إياه على النحو التالي:

توجه إلى "الهيئة العامة السورية للكتاب" وخذ من هناك "كتاب" باسم المؤلفات التي تريدها، على اعتبار أنك تعرفها قبل أن تطلع عليها، وتوجه بعد ذلك إلى مستودع المديرية في منطقة "المليحة"، وابحث عن كتبك وخذ وصلا بها، لا إلى بيتك، وإنما رجوعا إلى المركز الثقافي الذي بدأت "سياحتك" الطفولية من عنده، كي يصار إلى تنظيم فاتورة بها، (غير متضمنة مصاريف المواصلات طبعا)، على اعتبار أن المستودع غير مخول بالتعامل ماليا مع "الزبائن"، وبعدها عد إلى مستودع الكتب إياه مرة أخرى، كي تتمكن أخير من اصطحاب غنيمتك الثقافية إلى منزلك، كي تقرأها على طفلك أو طفلتك، إن كانا لازالا أطفالا حتى ذلك الحين!

وكل هذا بالتوازي مع احتفال مديرية ثقافة الطفل في وزارة الثقافة، وبرعاية السيد الوزير شخصيا، بـ"يوم" الطفل العالمي.. إعلاميا.

__________________

1. على أمل ألا تكون ذات الإجراءات مطبقة ضد أطفال مغتربينا في المراكز الثقافية السورية في اسبانيا وفرنسا والبرازيل واليمن السعيد.

2. تكشفت بعض هذه المشاهدات المرضية (بفتح الميم) بين يدي محكمي مسابقة "آنا ليند" لأدب الأطفال في سورية، والتي أعلنت نتائجها مؤخرا. وهذه المسابقة تختلف بالمناسبة عن تلك التي انتحلتها وتعاطت معها بخفة بادية الأمانة الآفلة لدمشق عاصمة الثقافة العربية، والتي تنصلت من مسؤولياتها تجاه الموضوع سريعا، بل وأضاعت بضمير مهني مرتاح إحدى المخطوطات المقدمة للمسابقة المزعومة العام الفائت.

محاولة للإمساك بزمن الكتابة عن وفي ... "من وإلى"

على الرغم من أنّ "الـمقالات تعبّر عن آراء كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مجلة (من وإلى)" غير أنه ليس بوسع الـمرء إلا أن يفتري على الـمطبوعة الجديدة بعكس ذلك، على اعتبار أن ما ضمّته بين دفتيها منذ عددها الأول وحتى اليوم يعبـّر عنها أيما تعبير.

وعندما يستبين الـمرء سريعاً أن اقتراح النشر فلسطيني أيضاً، فإن ذلك لابد له أن يحسم للتو مذاقاً مختلفاً للتوقعات لا يد للـمجلة فيه ولا حيلة. وقد تريده وقد لا تسأل فيه.
بالطريقة نفسها ربما التي يصطاد العين فيها ويغويها منذ اللحظة الأولى الشكل والـمقاس الـمختلف والرشيق لها.

ليس من باب البهلوانيات اللغوية، ولا الجناس الطربي الـمبذول. "من" و"إلى"، أحرف الجر الهيـّنة التي يسهر على حركات ما يليها لغويو الإعدادية ومدققو إملاء الصحف قادرة كما لقنـّا مراراً على جرّ الجبال. ولا يبدو أن مهمة أحرف الجرّ تلك عنواناً لدوريـّة ثقافيـّة هذه الـمرة ستكون أسهل بحال من الأحوال.
(من وإلى) تفترض في ذهن مستطلعها جهات ما، أو أقطاب إرسال واستقبال تدور في بوصلتها الأشعار والقصص والـمنثورات والرسوم، وسواها من مواد العدد.
وبالنظر إلى غياب الافتتاحيات الكلاسيكية عن الـمجلة والتي عادة ما يكون من دأبها التوجيه وتيسير التأويل وابتكار السياق بحسب (سياسة) التحرير، فإن على القارئ هنا الالتحاق بفضاء تمهيدي بديل من قبيل:
"أعداؤنا يسمـّون البيانو (أفسنتير)
منذ متى وهذه الأفسنتيرات تضربُ في
يقظة الـميّت النائم؟
منذ ُمتى تـُواصل شـُغلها من إذاعة (كول
هاموسيكا) ــ بينما طائراتهم تقصف
(الضاحية الجنوبية) وتـُغيرُ على بيت من ثلاث غـُرف في مخيم جـَباليا؟"
إنما تحت اسم مقارب لـ"الافتتاحية"، وهو هنا "فتّاحة عدد". وإن كان يصلح كذلك برأي كثيرين كفتـّاحة مبدئية للفكرة، يسأل الـمرء من خلالها وبلؤم أحيانا، ماذا يريد نجوان درويش، الـمقدسي الشاب، شاعرا أو كاتبا ناشرا، من مجلته وقد بلغت روحها التاسعة؟
أصوات عربية جديدة، كإجابة أولى صارمة، مطوبة منذ الغلاف، قالت إحدى الصديقات مستغربة تجشّم عناء السؤال حتى. ومستشهدة بالجهد التنقيبي الذي قاد الـمحرر "من" رام الله الضفة الغربية "إلى" عربستان فارس. آخذاً بتلابيب أحوازيين جدد إلا عن عروبتـ(ـهم)، من الذين تتخلى عنهم اليوم دون جلبة تذكر أنظمة طوّبت نفسها لعقود حامية حمى هاتيك العروبة.
والصورة في (من وإلى) ليست ــ تشكيلا أو فوتوغرافا ــ متاعا طارئا على النص، بل تكاد تأخذ موضعها هناك في تتام وتناغم مع الـمكتوب الحروفي، كأنه لها وكأنها له.
من منزل دمشقي سرعان ما ينسى الـمرء اصطناعيـّة ندف القطن على سلّمه لتستحيل للتو عتبات لسحاب (زياد حلبي)، إلى غرف غزاويـّة في نسخها الأحدث 2008 ــ 2009 بعد القصف، والعربدة الإسرائيلية الأخيرة، وسطح منزل بصحن لاقط (مجعلك) كمظلة كسحتها ريح داهمة، وحمـّام على الشمع (محمد مسلـم).
نجاح عوض الله، حزيمة بشير، أميمة عبد الشافي، حمزة كوتي، فارس البحرة، مصطفى مصطفى، عناية جابر، حمدي زيدان، عبد الوهاب عزاوي، بهيج وردة، سحر مندور، شادي الزقزوق، حازم حرب، هاني زعرب، بهمان غوبادي، آلاء يونس، نسرين بخاري، صلاح أبو الدو، أحمد فارس، عثمان فكراوي.
هنّ وهم بعض شركاء العدد الأخير للـمجلة، منثورون بغير تساوٍ على أبواب لها إشارات ودلالات... "سرد متقطع، قاع الـمدينة، تجارب، قصيدة، قصة، بما إنو، بورتريه، أصوات الجوار، ملامح، فصول، رفوف".
ومن يعرف بعض أولئك الكتاب والتشكيليين يستدل بيسر على أنّ (من وإلى) لا تنتحل ــ أقلـّه حتى الآن ــ أمام قرائها أي غيتو شبابي تبسيطي وفق تعريفات سِنيّ الوجود الفيزيائي للشخص.
رغم أن بعض الـمشاريع الاستشرافية فيها تأتي (آلاء يونس) إنقاذاً للـماضي من تأريخيته الـمزمنة بصيغة "نفرتيتي" ماكنة خياطة فرعونية شغّلت وشغلت أرامل وأيامى الحروب الـمصريات إبان 1952.
أو كشفية فوتوغرافيا أخرى (محمد حرب) لطفل كان عليه أن يمشي على الـماء قبل أن يصل إلى شربة تروي ظمأه. كما يهيئ للناظر.
على أنه يبدو أن (من وإلى) لا تلقي بالاً لـمعاناة جدّاتها العربيات، أو حتى الغربيات الأكثر "إفصاحا" عن بلواهن. مثل (كريستيان ساينس مونيتور) (christian science monitor) و(نيويورك تايمز) (New York Times) و(شيكاغو تريبيون) (chicago tribune) وغيرها من مشيـّدات النشر و"العقارات" الصحافية الـمطبوعة الآيلة سراعا للانترنت، والإفلاس.
فللـمجلة موقع افتراضي على الشبكة الدولية لا تخشى من بث مطبوعها عليه دون كلفة إضافية، ولا تضن بشيء مما "يحبـّر" فيها على متصفحها الالكتروني الذي لا يتحمل أية أعباء مالية على الإطلاق. كيف لا، ومطبوعتها توزع بلا مقابل مادي أصلاً، وتخلو تقريباً من الإعلان والترويج التجاري.
ولعل هذا الأمر دون غيره أثار لدى بعض الدمشقيين بالذات حكة خفيفة في الذقن، خاصة وأن دمشق لـم تلبث طويلا خارجة من "تأميمات" الثقافة و"مجانية" التثاقف. إنْْ في العام الـماضي كعاصمة ثقافية، أو فيما غبر وعبر من "اشتراكية" الفكر ماضيا!.
سؤال الـمنشورات الجديدة حولنا وبلغتنا لـم يعد أقل خطراً اليوم من سؤال الكتابة الجديدة والكتـّاب الجدد، ثالوث يشد بعضه بعضا، أو يرخيه. ودائما نخب قارئ أكثر جدّة، ففاعل مجدد.
ولالتقاط هذا الأخير بالضبط لا مندوحة من انتظار الغد. على أن الغد "أقرب بكثير مما نظن" (نادين باخص).
* الهوامش والاقتباسات والإحالات من مجلة (من وإلى)، العدد التاسع، نيسان 2009، منشورات جيل للنشر، رام الله، فلسطين.