2010-10-05

بمبادرة شبابية مدنية ..مكتبة سورية في الجولان المحتل

Occupied Syrian Golan Heights: Reading is Freedom







أعلنت مجموعة من الشباب السوريين في الجولان المحتل عن مبادرة أهلية لتأسيس مكتبة عامة تحمل اسم روائي سوري هو "حنا مينة"، وذلك بهدف تلبية "حاجات المجتمع الجولاني السوري الثقافية" تحت الاحتلال.

وقال حسام عباس السوري الجولاني إن الهدف من المبادرة لتأسيس مكتبة عامة في "بقعاثا" إحدى قرى الجولان السوري المحتل هو "الحاجة الملحة لخلق نواة ثقافية حقيقة خالية من الشوائب"، مع التأكيد على أن "الكتاب هو أهم نقطة للبداية في هكذا طريق لتحقيق الهدف المرجو".

وأضاف عباس الذي يعمل كمتدرب في الحقوق في مدينة القدس المحتلة "نحن نعيش حالة تدهور على الصعيد الثقافي، والمشروع هو عباره عن خلق بيت أو ملاذ لكل من يهتم بتطوير الحالة الثقافية في الجولان المحتل، سواء كان ذلك على مستوى فردي أو على مستوى المجتمع ككل".

ويشكو سكان الجولان المحتل من تعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلية إهمال إقامة أية مشاريع ثقافية محلية عموماً، أومكتبات على وجه الخصوص، وذلك منذ قرار "الكنيست" الإسرائيلي ضم الأراضي السورية المحتلة في الجولان في الرابع عشر من كانون أول عام1981.

أما عن سبب اختيار الأديب السوري "حنا مينة" لإطلاق اسمه على المكتبة المزمع إنشاؤها، فيقول حسام عباس " إن مجموعة الشباب الجولاني صاحب هذه المبادرة كانوا على ثقة بأن "إطلاق اسم كاتب عربي على المشروع تتجاوز اسم الكاتب السوري باعتبارها سعيا وراء تكريم كل الكتاب والأدباء العرب"، مضيفا:"لقد تعودنا في عالمنا العربي تكريم الكاتب بعد وفاته، وهذا أمر مزعج وقاس، لهذا فنحن ندعو بطول العمر لكاتبنا الكبير (حنا مينا) الذي تربينا على قراءة رواياته" .

وعن النقطة التي وصل إليها منظمو مشروع المكتبة حاليا، قال عباس إنه تم جمع حوالي "ثلاثة آلاف كتاب" حتى الآن، وإن المجموعة بصدد "جمع أكبر عدد من الكتب الثقافية، وذلك من خلال التبرعات العامة من أهل الجولان وأصدقائهم من فلسطين"، وأضاف:"من هذا المنطلق، نتوجه إلى كل صاحب هم ثقافي، وطني واجتماعي، بالمساهمة الممكنة لدعم هذا المشروع الحضاري"، وزاد "ولكن لِمَ الاقتصار على الأرض المحتلة؟ لم لا يشارك الناشرون السوريون والعرب مثلاً في دعم هذه المكتبة بإرسال بعض منشوراتهم؟".

ولقيت هذه المبادرة من الشباب السوريين في الجولان المحتل تجاوبا سريعا من إحدى منظمات المجتمع المدني السورية المعنية مباشرة بالكتاب، وهي "رابطة أصدقاء الكتاب"، وذلك منذ ما يربو على الثلاثة أشهر.

وقال الناشر والكاتب لؤي حسين رئيس "الرابطة" " إن سبب اهتمام الرابطة بالمشروع الجولاني هو قدرته على "تأكيد مقدرة السوريين على التواصل والتعاون الأهلي البعيد عن السياسة أو المكاسب الحزبية أو الحزبوية، بغض النظر عن أي حدود تفصل بينهم وتبعدهم عن بعضهم، ناهيك عن شعورنا بأن السوريين الذين يعيشون في ظل الاحتلال يحتاجون منا كل عون ومساعدة في شتى مجالات حياتهم. ونحن نرى أن أصدق اشكال العون هو ذلك الذي يقوم بين الأهالي وليس بين الجهات السياسية أو الحزبية".

وتعرف "رابطة أصدقاء الكتاب" نفسها بأنه جمعية أهلية تتكون من ناشرين وكتّاب ومترجمين سوريين -أو من في حكمهم-، تسعى إلى توسيع انتشار الكتاب والارتقاء به ووضعه بين يدي كل الناس.

وعن السبل التي ستسلكها "الرابطة" لمساعدة الشباب الجولاني في مشروعهم، يقول حسين إن "أصدقاء الكتاب" سيسعون كخطوة أولى لـ"تأمين كميات لا بأس بها من الكتب لتأسيس حتى أكثر من مكتبة واحدة في قرى الجولان المحتل، وترميم النواقص لاحقاً".

وكشف حسين أن الرابطة ستعلن قريبا عن مكان استلام الكتب من المتبرعين بها، كما ستخصص رقم هاتف للراغبين بطرح أي استفسارات حول الموضوع.

وبادر حسين من طرفه إلى دعوة مجموعة الشبان الجولانيين ليكونوا فرعا للرابطة في الجولان المحتل، وهو أمر يرى حسين أنه "سيمكننا مستقبلا من إيجاد أشكال أخرى من التعاون الثقافي الذي يتمحور دوما على فكرة الكتاب، فضلا عن خلق نموذج للتعاون والتشبيك الثقافي الأهلي البحت".

من جهته يؤكد الناطق باسم أصحاب مبادرة مكتبة "حنا مينة" في "بقعاثا" حسام عباس أنه "من المهم التذكير بأن المبادرين يسعون لتطوير أنفسهم ثقافياً من خلال العمل الميداني، إضافة إلى الكثير من الأهداف غير المباشرة والتي ستنضج مع العمل، من ضمنها روح المبادرة والتنظيم الشبابي، وخلق مساحات للحوار والنقاش وطرح الأفكار، علاوة على توثيق العلاقة بين أبناء الجولان نفسه".

وطالبت أغلبية ساحقة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مؤخرا إسرائيل بالامتثال للقرارات المتعلقة بالجولان السوري المحتل، وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم497 الذي يعتبر قرار دولة الاحتلال بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغياً وباطلاً وفاقدا لأي أثر قانوني دولي.

وكان لسكان الجولان السورين الفضل الأكبر في جعل قرار إسرائيل حبرا على ورق، من خلال رفضهم لعقود حمل الجنسية الإسرائيلية، أو تنفيذ الأحكام الإدارية الإسرائيلية كانتخابات المجالس المحلية، علاوة على رفض التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال، وصولا إلى عزل العملاء وأصحاب الجنسيات -رغم قلة عددهم- عن المجتمع المحلي. كما نفذ المواطنون السوريون في المحتل إضرابا عاما ومفتوحا أوائل العام 1982 استمر 6 أشهر.

2010-09-22

بدون "عدّاد" ولا "دركسيون" ..الإعلام السوري في "تكسي" الدراماجاتية

Syrian drama VS Syrian media




متقمصا –وهو الممثل- شخصية الخبير الرزين العارف ببواطن الأمور، يسند الفنان السوري سامر المصري رأسه إلى الوراء مائلا في جلسته ذات اليمين وهو يحك أذنه بإبهامه وسبابته، قبل أن يطلق حكمه على شاشة قناة "الدنيا" في حال ومآل الصحافة السورية، واصفا أداءها بـ"المتفاوت"، وقائلا إن "الدراميين" في وضع "حركة" فيما الإعلام السوري في "سكون" و"حالة عطالة".

ولم يتحفنا هذا المحلل الإعلامي المستجد -رغم أنه لم يتوقف لحظة عن الكلام طوال فترة البرنامج- بأسباب ومسببات هذه العطالة وذاك السكون الذي يحكم الأداء الإعلامي السوري، ما يجعله عاجزا عن قيادة "مشروع وطني" بحسب تعبير المخرج الجالس بقربه هو الآخر .

وقد ينتظر المواطن السوري المتفائل من المصري الذي يدعي تمثيله في أعماله في هذا المقام مثلا أن يحدثنا عن حرية الصحافة وضمان حق التعبير عن الرأي، أو يعرب لنا عن تعاطفه "الدرامي" مع بعض الصحفيين والمدونين الذين كانوا وراء القضبان، أو قبل ذلك في فلاش باك وهم يجرجرون إلى المحاكم ويطردون من أعمالهم –كإصابة عمل بحسب سخرية الفنان أيمن رضا لاحقا-، أو ربما أن يطالعنا بقراءة نقدية لسيناريو مسودة قانون النشر الالكتروني والتواصل على الشبكة الذي يهدف إلى القضاء على البقية الباقية من الأصوات الإعلامية والصحفية اللائذة بالفضاء الافتراضي هربا من الواقع المفروض، أو أن ينبري للتعريض بسينوغرافيا شتائم المسؤولين السوريين -بمستوى وزير- لرؤساء تحرير بعض المطبوعات السورية على الملأ، أو من باب أولى أن يطالب بفك أسر "الفيس بوك" و"اليوتيوب" المحجوبين رقابيا وفاء من طرفه ربما لتلك الصفحات و"اللينكات" التي أفردها شباب سوريون معجبون بطريقة ميلودرامية بمواويله وقفشاته، ولكن أنى له هذه المعرفة، أو تلك القراءة إن كان يقرأ أصلا.*

على العكس من ذلك يتهور المصري في استنتاجاته، ناعتا منتقدي عمله –أبو جانتي ملك التكسي- من الإعلاميين بكلمات أكبر منه، فهم إما "حاقدون" أو "مأجورون"، ما يعيد للأذهان أصداء تلك اللهجة المثيرة للاستهجان والتي درج كثير منا على سماعها من أفواه مسؤولين وغير مسؤولين كلما سارت رياح الإعلام بغير ما تشتهي سفن مسيراتهم المظفرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا –ومؤخرا- دراميا.

بل لعل سامر المصري هنا لم يكن -من حيث درى أو لم يدر- سوى ببغاء أعاد بمفردات أخرى تكرار ما سمعه ربما من "رئيسه" السابق في نقابة الفنانين السوريين صباح عبيد والذي ساوى في إحدى تصريحاته "الغضنفرية" المهينة له دون غيره بين الصحافة وحذاءه، فنيا.

ويذهب الفنان المتفاخر بحجم جماهريته المتورمة إلى أبعد من ذلك في اتهام أحد الصحفيين بأنه "تم شراؤه" من قبل "أحد المنتجين" بـ"ثمن بخس" لقاء "تعيينه في لجنة تحكيم ما" ما دفع الصحفي أن يكتب ما كتب من انتقادات للعمل "خدمة لمن اشتراه" على حد زعم المصري، وطبعا دون أن يجرؤ فناننا على تسمية الصحفي، أو لجنة التحكيم تلك، أو الإتيان بالبراهين التي وقعت في طريقه "صدفة" مصداقا لدعواه.**

وكل هذا بالطبع بحضور إعلامية "الدنيا" المديرة للحوار، والتي ما كان منها قبل دعوتها المصري لـ"تطراية الجو" بإحدى موشحاته الأقل تنفيرا من حديثه "الناشف" مما يستشف من تعليقها، إلا أن كررت كليشيهات ما تحفظه من دروس "فتوة" الإعلام الرسمي حول "الصحافة الموضوعية" و"النقد البناء" و التعاطي "المنطقي"، والتي لا يفهم من مغزاها في سياق الحلقة سوى أن تكون مديحا غير مشروط لعبقرية المسلسل وفتوحه الدرامية، شاء من شاء، وأبى من أبى.

وهنا لا يسعنا إبداء عتب كبير على الإعلامية الشابة لعدم اعتراضها في برنامجها على التهجم المجاني للمصري ورفاقه على الإعلام، إذ ظهرت تلك الإعلامية بشكل يدعو للخجل أسيرة مؤسستها –مؤسسة بين قوسين- "تلفزيون الدنيا" الذي دأب في الفترة الأخيرة على ابتداع ممارسات ممجوجة لاتمت لـلإعلام بصلة، تبدأ بالفصل التعسفي للإعلاميين وتخفيض أجورهم، مرورا بإجبارهم على إمضاء أوراق فارغة يجري ملؤها لا حقا بالمهمات والرواتب، ولا تنتهي عند تخوينهم وتعليق الملصقات المهينة لهم والتي تلمح بصفاقة إلى اتهامهم بأنهم لصوص تجهيزات وكاميرات –رغم الإجراءات الأمنية المشددة في المحطة واعتمادها نظام البصمة الالكترونية-، ناهيك عن تحكم ممولي المحطة بأدائها المهني، وفرضهم كادرا إداريا قليل الكفاءة، إنما سميعا مطيعا للتوجيهات والأوامر، وهو المطلوب على ما يبدو في هذه الفترة.

لامندوحة عن القول إن الجسم الإعلامي السوري راهنا لا يخلو من الإعاقات والترهلات والمثالب الموضوعي منها والذاتي، وهو في ذلك انعكاس حقيقي لحال المجتمع الذي يعمل بين ظهرانيه، ولا يختلف في معاناته تلك عما يمكن لنا لمسه لمس اليد من عاهات الجسد الدرامي ذاته الذي جهد المصري في أسطرته وتصويره بكمال الآلهة، والذي برغم نواقصه ومشاكله كلها تتاح له في أيامنا هذه مساحات حراك أوسع نحاول جميعنا استثمارها إلى أقصاها.

الشيء الأكيد هنا أننا ما كنا لنضطر للاستماع إلى التعليقات الفوقية، والمحاضرة المتهافتة لسامر المصري فيما لو أن جميع صحفيينا التزموا صراطه المستقيم القائل بمدح المسلسل، أو على الأقل الامتناع عن انتقاده فيما يكتبون وينشرون ويبثون، والذي عبرت عنه إحدى ممثلات العمل صراحة بضرورة "التصفيق" لبعضنا على حد تعبيرها.

التصفيق المجاني أو الإجباري ربما في هذه الحالة، وهو ما عـُوّد عليه كثير منا طوال العقود الماضية، وثمة كثير من النكات المتداولة بين الناس تعريضا بمثل هذا النوع من الإعجاب الفيزيائي الإلزامي والبروباغاندي، علما أن تلك النكات تفوق في تأثيرها "الكوميدي" وبما تثيره وستثيره من ضحك عفوي كل الفهلوات التي أتى بها هذا المسلسل وغيره، من قبل و من بعد.

لم تسعفه "أبو السبع مرايا" هذه المرة أي منها على ما يبدو كي يرى فيها الانعكاس الفعلي لتنظيراته الباهتة، ورغم ما درج عليه العمل طوال حلقاته من تكريس المصري "ملكا" فقد فات ذلك الممثل الفذ مع الأسف الدخول في تفاصيل شخصيته قولا وفعلا، وإلا لكان انتبه –كما أي سائق تكسي مبتدئ- للتحذيرات المطرزة أمامه على مراياه السبع كلما نظر فيها، والتي تخبره بصراحة مرورية، علمية، واقعية، بناءة، أن "الأجسام الظاهرة أمامك أكبر من حجمها الطبيعي".

 ________________

* تشبه بعض تحليلات المصري الصحفجية بالمناسبة تحليلاته الاجتماعية الأخرى، عندما يعلن موقفه المعارض للعنف ضد النساء، إنما من باب تأويلي مفرط في سذاجته -كي لانقول سخافته- إذ يقول بأن "المرأة ما بيجوز تنضرب" لا لشيء سوى لأنها "مخلوق جميل رقيق"!

** وهذه دعوة للمصري للإتيان بأدلته على هذا الاتهام الخطير، والتي في حال تم التأكد من مصداقيتها فلن يتوانى أحد عن نشرها على الرأي العام، ولا حصانة لأحد في هذه الحال، وذلك بدلا من الغمز واللمز وتوجيه الاتهامات جزافا بطريقة شبه أمنية تدعو للغثيان، علاوة على تملق المصري لكتاب وصحفيين آخرين أتى على ذكرهم بالاسم، وربما كانوا أصدقاء شخصيين له، أو لعله أجرى حساباته فوجد نفسه أعجز من أن يتحمل جريرة زجهم في جماعة المغضوب عليهم.

2010-09-21

المعادلة الجديدة للشؤون الاجتماعية والعمل ..دمج الإعلام بالإعاقة = إعلام معاق!

Disability rights in Syria





تقرر السيدة (ز.ش) صاحبة الحل والعقد ورئيسة إحدى اللجان الرياضية في دورة الألعاب الاقليمية السابعة للأولمبياد الخاص وبناء على مزاج وانفعال شخصي يحمل في أثناءه تفصيلا "طائفيا" سخيفا إقصاء مدربة إحدى الفرق الرياضية (ن.ف) بعد أن قامت الأخيرة بالجزء الأعظم من العمل والجهد، فيما حصدت سيادة الرئيسة الثناء والتقدير، والنقود أيضا.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد لدى الرئيسة ذات الروح الرياضية والمناقبية العالية، بل وإمعانا في الكيدية تعمد السيدة غير المذكورة إلى طرد نجل المدربة السابقة من فريقـ(ـها) الرياضي، وبالتالي تحرمه عمدا ومن دون وجه حق أو ذريعة قانونية من المشاركة في الأولمبياد الخاص رغم كونه واحدا من ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلين، زارعة في نفسه حسرة إلى حسرة، بعد أن كان التدريب الرياضي الذي يتلقاه يساعده أيما مساعدة على تجاوز جزء كبير من الاختلاف الذي يشعر به تجاه أقرانه، بشهادة خبراء. وكل هذا من خلال تلويحة واحدة من يد تلك السيدة المؤتمنة على هؤلاء الناس وأطفالهم، ومن دون أن يجدي تدخل من هو أعلى منها في الهرم التنظيمي لجعلها تعدل عن قرارها الارتجالي المخزي.

الأمر الذي يطرح أسئلة كثيرة عن مدى الإعداد والاستعداد لدى هذه الكوادر التي تدعي القدرة على إدارة مثل هذه المنظمات والمؤسسات والمناسبات، وعن نجاعة البنية التنظيمة والإدارية –الركيكية فيما يبدو- حين تصدر القرارت شفهية اعتباطية لا مبرر معها ولا مسوغات-، مع سؤال إضافي آخر عن مدى الشفافية المالية والمحاسبية عندما توزع الأموال والرواتب والمكافئات لأناس دون آخرين في ظروف ومغلفات بلا أي نوع من أنواع الفوترة، كأنها بقشيش عرس أو "كومسيون" سمسرة رخيصة.

ولدى مراجعتنا للمسؤولين الكبار عن الأولمبياد وفي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والمجلس الأعلى للإعاقة، وسواهم من ذوي الاحتياجات "العامة"، يفاجئ المرء بهم وقد أحجموا جميعهم ودفعة واحدة عن الرد على موبايلاتهم، ليس مقاطعة لشركتي الخليوي في البلاد تضامنا مع المحتجين على الأسعار المرتفعة والخدمات المتدنية لـ"إم تي إن" و"سيرياتل"، وإنما تهربا موصوفا من مواجهة نتائج تقصيرهم الإداري والأخلاقي، رغم أن بعضهم تم الترتيب المسبق معه لأخذ موعد، وآخر تم إرسال رسالة نصية له تطلعه على شخص المتصل، فيما آخرين تمت مراجعتهم شخصيا من قبل صاحبة العلاقة دون فائدة.

وهؤلاء الأساتذة المحترمون الغارقون في العمل والانتاج هم على التوالي: المدير الوطني للأولمبياد الخاص، ومدير الألعاب ورئيس اللجنة الفنية لدورة الألعاب الاقليمية السابعة للأولمبياد الخاص، ومديرة المبادرات في هيئة الأولمبياد الخاص، ورئيس المجلس الأعلى للإعاقة.

أما موظفو مكتب السيدة الوزيرة ديالا حاج عارف فلا يستحون من صرف صاحبة العلاقة لدى مراجعتها لهم، طالبين منها إخلاء الممر لأن جناب الوزيرة تريد أن تخرج من مكتبها!

كل هذا في ظل شعارات مرفوعة و"لوجويات" خفاقة تنادي الإعلاميين لمطالعة أكثر قربا لمطلبيات ذوي الاحتياجات الخاصة. بيد أن الرسالة التي يود هؤلاء القوم إيصالها لنا عبر خزعبلاتهم اللفظية عن تحريض الإعلام على مقاربة شؤون وشجون من يوصمون بـ"المعاقين" ليست فيما يستشف سوى حصيلة مؤسية لمعادلة مفادها: دمج الإعلام بالإعاقة = إعلام معاق!

هذا أو أن يقوم الصحفيون فقط بتغطية المناسبات والإنجازات والتنظيرات والتصفيقات، أوالتقاط الصور مع المسؤولين والمسؤولات، الأحياء منهم والأموات.

إنها نظرة قاصرة حقا تلك التي تدعي أن العمل بصمت هو ما هو مطلوب اليوم في هذا القطاع. وأصحاب هذه النظرية عاجزون عن أن يميزوا لنا الصمت من الضوضاء من حق الحصول على المعلومات. فهل سمع أحد منا في حياته عن جراح أو محاسب أو رئيس وردية في معمل يخفي تفاصيل عمله ودفاتره وتقاريره عن المرضى والمديرين وأصحاب الشأن بحجة أنه يرغب في العمل "بصمت"؟

إن ما قد ينتج عن هذه السياسة الإعـ(ـتـ)ـامية العرجاء ليس سوى ما شهدناه على أرض الواقع من ابتعاد ما يسمى بـ"المجلس الأعلى للإعاقة" عن أي دور في تنظيم أو متابعة أو مراقبة لهذه المناسبة التي يجري استثمارها إعلاميا على أكمل وجه من قبل بعضهم، وعدم اطـّلاع أو معرفة ذوي الاحتياجات الخاصة أنفسهم أو ذويهم أو كثير من الخبراء في المجال على وجود مثل هذا "المجلس" الذي لا يزال أثره فيهم افتراضيا وغير محسوس.

إن القيمين على الأمور في وزارة "الشؤون الاجتماعية والعمل" لا يفهمون أنه إذا تم إنشاء لجنة أو مجلس هنا أو تنظيم أولمبياد وسباق هناك برعاية أو بدون رعاية من فوق أو من تحت فإن هذا لا يخولهم بأن يصبحوا الناطقين الحصريين باسم هذه الشريحة المغبونة حقوقها في مجتمعنا، أو يمنحهم الشرعية ليمسوا أصحاب الفتاوى الناجزة فيما يجب أو لا يجب نشره.

والحرى بهم العمل على خفض هذه الجدران والعوازل الغبية التي يحاولون ان يلفوا أنفسهم ومكاتبهم بها، أسوة ربما بما يفعلونه بأرصفة شوارع دمشق حاليا.

إن الصمت في هذه الحالة لن يكون برغم النوايا الحسنة التي قد توجد منثورة عشوائيا هنا أو هناك سوى ستار لسوء التخطيط والفساد –وهو ما نراه واضحا في مثال السيدة (ن.ف) أعلاه- أوالهروب من تقديم كشوف حسابات النجاح والإخفاق في أداء الاستدامة والتنمية المطلوبين بإلحاح في هذا القطاع، وهي أمور نتشارك مسؤولياتها جميعا دون شك.