2010-08-25

قريبا.. الصحفيون السوريون مراسلون معتمدون من وراء القضبان

Coming soon.. Syrian Journalists report from prisons



رغم قرار الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش رقم (6\773\24\4ع أ) بتاريخ 25-03-2007، ورغم كتاب المدير العام للجمارك رقم (13\س\2008) ، ورغم محضر جرد الأضابير الذي يثبت وبالأرقام التقصير في أداء واجبه (أنظر المرفقات)، ورغم اعتراف المدعى عليه بلسانه بعدم نظافة كفه أو إنكاره ما نسب إليه من تجاوزات يطالها القانون، أصر رئيس مراقبة سابق في الجمارك على رفع دعوى قضائية مثيرة للاستغراب إن لم يكن الاستهجان ضد أحد الصحفيين السوريين بتهمة "التشهير" و"القدح" و"الذم" و"الافتراء"، نعم "الافتراء".

إلى هذا الحد يصل تجرؤ وتطاول الفاسدين والمفسدين - بحسب تعريف الجهات الحكومية التي تقول إنها تأخذ على عاتقها محاربة الفساد- على الصحفيين السوريين، ودائما وفق وثائق قانونية رسمية تدين أولئك الفاسدين، وإلى هذا الحد يصل إنكفاء واستهتار ما يسمى بالمؤسسات الإعلامية واتحاد الصحفيين تجاه مسؤولياتهم نحو من يتشدقون صباح مساء بأنهم ممثلوهم الشرعيون والمنافحون عنهم.

إذ لم يكتف السيد المسؤول السابق في الجمارك "ح. محمد" بالتجاوزات والانتهاكات الوقحة –حيث في كل انتهاك وقاحة- التي اقترفها بحق بعض المخلصين الجمركيين من تلقي رشاوى راوحت بين الأجهزة الكهربائية المنزلية، والمبالغ المالية النقدية، و"السلبطة" للاستحواذ على الهواتف النقالة، ودفع فواتير المطاعم والنوادي الليلية، واستغلال ورشات العمال للقيام بأعمال هدم وترحيل في عقاراته الخاصة، وتسليط مرافقه الشخصي لابتزاز الآخرين، ناهيك الإهانات الشخصية التي استمرأ توجيهها لكل من وقف في وجه ممارساته اللا أخلاقية، فبعد كل هذا وذاك يلجأ هذا الشخص المخول سلطة المراقبة في إدارة الجمارك والمستغل لصلاحياته الوظيفية لمنفعته الشخصية -بشهادة مسؤوليه- وبكل صفاقة إلى مقاضاة الصحفي خالد سميسم بجرم أنه كشف عن كل هذه الموبقات، والأنكى دائما أن المذكور "ح. محمد" أقرّ أمام القاضي في "دفاعه" أنه ليس بصاحب الكف النظيف، وأنه لم يترق في عمله حيث هناك "رزقة" أكبر!

وصل الحال في بلدنا منذ حين بعيد إلى مثل هذه المنعطفات المخزية حيث يسمي السارق للمال العام سرقاته بالـ"رزق"، ويضطر فيها الصحفيون لأن يدفعوا من جيوبهم ووقتهم وأعصابهم مرتين، مرة حين يلحون في تقصي مواطن العطن والخراب في محيطهم، ومرة أخرى إضافية عندما يتمسح المجرمون بحق أنفسهم ومواطنيهم وبلدهم بأعتاب القوانين مرعية الإجراء للتنصل مما اقترفته أياديهم القذرة، بذريعة أن فاضيحهم يتجاوزون القانون بإطلاع الناس والقضاء على جنايتهم، في حين أن منطق الأمور هو التأكيد على فضح ممارسات تلك الفئة، وتسليط الضوء على عتم الأقبية الموبوءة التي يقبعون فيها، ويحيكون في ظلمتها ذلك اللبوس الأسود الذي ينتهي بأن يسدل على عيون الناس تلك النظارة الحالكة التي تكدر معاشهم وحياتهم وصورة وطنهم في صدورهم.

وبدل من أن تُكفّ يدا الفاسد إياه ويحاسب بناء على تحقيقات الأجهزة الرقابية، اقترحت إدارة الجمارك العامة تكليف العامل المذكور "ح. محمد" بمهمة أمين جمارك العبور في مديرية جمارك طرطوس، بعد أن كان يشغل منصب أمين المنطقة الحرة في حلب، ومعاون مدير جمارك حلب.

وما يزيد في شناعة الصورة هو حيادية تلك الصروح الإعلامية التي يعمل الإعلاميون في جنباتها، وقلة حيلتها في أحسن الأحوال، علاوة على صمت القبور الذي يغوص فيه أعمق فأعمق ويوما بعد يوم ما يسمى باتحاد الصحفيين السوريين، الذي لا يخجل أعلى مسؤول فيه من التصريح مؤخرا بأنه غير مسؤول عما يجري للصحفيين الذين لا يقلون عنه سورية لأنهم "غير منتسبين للاتحاد"، وكأن هذا الاتحاد فردوس مشرع الأبواب يتأبى الضالون من الإعلاميين ولوجه طوعا.

بل يتلطى "غير المسؤول" إياه وراء ذريعة ضيق ذات اليد، عندما يضعه سؤال آخر في الزاوية حول عدم نجاعة هذه النقابة "المهنية" في الدفاع حتى عن أولئك المنتسبين إلى نعيمه وجماعته.

وبعد اتحاد الصحفيين، نجد مؤسسة أخرى لا تقل تقاعسا وتطنيشا تجاه مسؤولياتها الأخلاقية والأدبية. إذ لا ترى نقابة المحامين السوريين –حتى الآن أقله- نفسها معنية بملابسات ما يجري حولها طالع كل شمس، ولا يتحرك أحد من أولئك الأساتذة والدكاترة ليرفع سبابته في وجه هذه الظاهرة، أو ينبري لتشكيل لجنة تأخذ على عاتقها مهمة الدفاع كاملة عن هؤلاء الصحفيين، بعد أن أمست –الظاهرة- أو كادت روتينا يوميا، خاصة مع الإعلاميين من ذوي الدخل المحدود والظهر غير المسنود، ممن لا يجدون ما يردون به غلواء ادعاءات الأمناء السارقين، والمسؤولين المصروفين من الخدمة والمدراء العامين الذين تكاد أرجل كراسي مناصب بعضهم تخرج من عيونهم لشدة هوسهم بألا يمس أحد سلطاتهم الفرعونية الخالدة.

ولولا ثلة صغيرة من المحامين الذين يحملون هذا الهم فرادى، والمدركين لروح مهنتهم، لأمسى كثير من الصحفيين السوريين مراسلين من وراء القضبان، بالنظر إلى ما يستهلكه سير التقاضي في هذا البلد من وقت وجهد وعنت، ناهيك عن المبالغ الخرافية التي يطالب بها أولئك الفاسدون كغرامات على تجرؤ الصحفيين على جناياتهم، مبالغ ربما يأملون من وراء تحصيلها إتمام تحقيق خيالاتهم المريضة في الإثراء القذر.

ليبقى الإعلامي السوري علما أسود في العراء تتناهبه زوابع الدعاوى الكيدية المغرضة، والأمزجة والأهواء الآسنة المسؤولة وغير المسؤولة، والشلل المشين لمدعي ولاية الأمر بالباطل، ووزمالة الكسل وكسل الزملاء الإعلاميين الآخرين على الطريق، ناهيك عن غول المعاش اليومي الذي لايرحم لا صحفيا ولا غيره.

إن تحديثا للقوانين الناظمة لمحاكمة الصحفيين وفق المعايير الدولية، وإقرار تشريعات تحمي المسربين الحكوميين وتقونن حق الحصول على المعلومات، وفتح الباب لإنشاء الاتحادات والنقابات المهنية قولا وعملا، هي خطوات لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، بدل هذه الكوميديا السوداء التي لا تضحك أحدا وتتخذ من غرف وأروقة قصور العدل مسرحا لها، مبددة وقت وأموال دافعي الضرائب السوريين.

وإلى أن يحين ذلك، لا بأس من أن يستخدم الصحفيون السوريون بعض مهاراتهم الاستقصائية المعروفة عبر "قهوة الروضة" و"نينار" و"الموبايل" و"فيسبوك" لتتبع أخبار بعض زملائهم ممن "يشهر بهم" و"يذمهم" و"يفتري عليهم" زورا وبهتانا أولئك المأخوذين بعزة الإثم من الطبقة السورية الفاسدة، علهم –الصحفيون السوريون- يستدلون إلى طريق أو كأس "متة" يجمع في النهاية كلمتهم على بديهية ضرورة تعاضدهم غير السري، وغير المخالف للدستور، فرغم أن قاعات قصر العدل تثير الكدر، وممنوع فيها التدخين، غير أنها مفتوحة للعامة، نعم العامة.


الصحافة الالكترونية السورية كما لا أجرؤ على شرحها لابنتي

مطلوب محررين لمطبوعة رسمية براتب بيضة ونص في الساعة !

 

2010-08-24

يحدثونك عن مسودة النشر الالكتروني السوري ..أصحاب مواقع لا رؤساء تحرير

Syrian media law draft.. websites owners, not editors






تثير مسودة قانون النشر الالكتروني في سورية جدلا داخليا بين الإعلاميين ومن بحكمهم منذ حين، لكن يفوتنا أحيانا كثيرة أن نتذكر ونحن نشرع أقلامنا وكيبورداتنا منافحة عما نعتقده حقا دستوريا مكتسبا لنا –وهو كذلك- التنديد بممارسات بعض أولئك الجالسين بين ظهرانينا، والمتسلمين زمام ركابنا، ومقاليد سلطتنا الرابعة على التوالي. وإن كنا نقرأ بين الحين الآخر مطولات عن صحفيين مرتشين، وإعلاميين غير مهنيين، فإننا نادرا ما نسمع شيئا عمن يسمون أنفسهم زورا وبهتانا (رؤساء تحرير) في المواقع الالكترونية سوريا، وهم يجرجرون حقائبهم وإعلاناتهم ومراسليهم من مؤتمر إلى آخر، زاعمين ذودهم عن شرف وعفة صاحبة الجلالة الالكترونية في عصر أغشية البكارة الصينية هذا.

إذ يحلو لهؤلاء القوم كثيرا التبجح بـ(مؤسساتهم) الافتراضية تلك، أما عن تلك المؤسساتية فحدث ولا حرج. فلا اجتماعات تحرير، ولا استكتابات واضحة المواضيع والمعالم، ولا دقة في مواعيد اللقاءات إن وجدت، ولا ذمة مالية نظيفة تجاه الصحفيين، ولا خط تلفون شغال –سوى رقم الفرع الأمني ربما-، ولا بدل مواصلات واتصالات للمراسلين، ولا خبير تقني في الموقع، ولا تقدير لجهد المصورين الصحفيين، ولا سياسة تحرير واضحة، ولا سياسة تحرير غير واضحة، ولا خط انترنت عليه العين، ولا دورات تقنية للمحررين، ولا حتى نسخة حديثة (ورقية وليس سوفت وير) من دليل الصفحات الصفراء المجاني.

موقع الكتروني سوري قرر أن يتحول لـ(مؤسسة) إعلامية، إنما على طريقة "دكتور جيكل ومستر هايد"، ولم يتطلب الأمر من صاحب النهي والأمر سوى جرعة مدروسة من الدواء السحري (الفرامانجي) إياه، والمتمثل بقرار توقيع عقود مع (العمّال)، ولم لا. بيد أن العقود التي كان يجب على كل المراسلين والصحفيين والمحررين والسكرتيرات و(شقيعة) البوفيه توقيعها لم تكن سوى أوراق بيضاء مدموغة بشعار الموقع، وذلك بانتظار أن يأتي ما يسمى بـ(رئيس التحرير) لاحقا لملئها بما يلزم من ساعات العمل والمهام الوظيفية وغير الوظيفية، متضمنة بالطبع أجور فبركة وعتالة الكلمات وسلطة التحرير!

في حين أن التعاطي الصحفي مع الصحفيين يمر من قنوات تشبه مثلا تلك المادة الصحفية التي راحت تنتقل على الموقع إياه –العام 2008- بين الصفحة الأولى والثانية حد الاختفاء النهائي عن الموقع رغم أنه لم يمض على تحميلها أكثر من خمس دقائق، وذلك بسبب نزاع إعلامي عائلي شب بين (رئيس التحرير) وزوجته التي اصطادت في المادة ما لا يعجبها ورأت فيها انتقادا لرأي لها، لتستمر المناورات بين (الجوز) من جهة والصحفي من جهة ثالثة لأكثر من ساعة بين أخذ ورد وحذف وتفعيل ونقل. ولولا أن قراء الموقع هم نفسهم في الغالب الأعم محرروه لشكل الموضوع  فضيحة، ولكن الحمد لله وللإنقرائية المخزية والمستحقة لبعض دكاكين الانترنت السوري.

موقع آخر سوري والكتروني أكثر من سابقه، يحث محرريه والموظفين فيه كي يتركوا مهمة متابعة الأخبار والحوادث –وإن إلى حين- ويتفرغوا للتعليق على المواد المدرجة منذ الصباح، فيبدو وكأن للموقع زوارا مواظبين، وقراء متفانين، وكأن المواد التي يتعاطاها ذلك الموقع تثير حقا وفعلا تلك الأسطورة الإعلامية السورية المسماة "الرأي العام". ويمضي المحررون قدما في اللعبة ويبتكرون حيلا جديدة لمضاعفة أرقام العداد أسفل الصفحة، فيستمرؤون مثلا كبس (F5) و(رفرشة) الصفحة ما يسجل كل مرة كزائر إضافي لحساب المادة (الضرب). وقد شهد شاهد من أهلها في إحدى المرات على مادة دسمة ومهمة على ما يبدو وقد سجل عدادها 72 قراءة وتعليقا واحدا مفعـّلا فيما كانت لا تزال بعد (أوفلاين)!

بل إن بعض من يسمون أنفسهم رؤساء تحرير سوريين لا يتنازلون لكتابة افتتاحية خاصة بالموقع إياه –إن كان بمقدورهم فعل ذلك أصلا- على سبيل إضافة مادة (خاصة) بموقعهم، بعد لطش وسرقة أغلب مواد وعناوين ذلك اليوم الإعلامي المجيد من الصحف العربية والمحلية المطبوعة، أو وكالات الأنباء الأجنبية، أو المدونات وصفحات الفيس بوك. وبالتالي فإن أحدا سوى كارمن قديح شماس أو ماغي فرح، أو مشايخ عذاب القبر في تكاسي وسرافيس الصباح لا يستطيع تخمين وتثمين (فروغ) الأفكار الخلاقة والمبدعة التي تغلي في الرأس الصحفي الألمعي إياه لأولئك الرؤساء.

والأمر ذاته ينطبق على المحررين والمراسلين العاملين في الموقع غير المذكور، والذين يجهلون –وإن من باب التقية حتى- ما يدور في خاطر (البوس) المزاجي من مواقف تقدمية وآراء جهبذية، وكأنهم في فيلم إثارة رخيص،لا في موقع إعلامي بسياسة تحريرية وتوجهات معلنة.
ثم ماذا عن صاحب الموقع إياه، وهو لا يجد وقتا لقراءة المواد (النازلة) عنده و(الطالعة)، فتراه يحيلها تارة إلى سكرتيرته، ومرة لصديق زائر، وأخرى ينشرها دون أن يقرأها، باعتبار أنه مشغول كـ(رئيس تحرير).

أو شقيقه في هذا المنعطف التاريخي الإعلامي الحاسم، الذي يحسب الكلمة بالكيلو والليرة، مثل (عكيد) سوق الهال، ومع ذلك يتهافت الناس على محاضراته العلمية من حين لآخر للاستزادة من آخر أخبار مستجدات التكنلوجيا والإعلام الرقمي والـ(أونلاين جورناليزم).
ناهيك عن رئيس التحرير ذاك الذي عمد إلى تعيين أحد موظفي مكتبه منذ سنتين (ربما كان سائقه الخاص، أو مراقب الدوام) كمدير تحرير على رأس 5 من طلاب وخريجي الإعلام الذين كانوا في (ملاكه) حينها.

تشبها ربما بتلك (المؤسسة) التي (انتخت) وطبعت للـ(أوفيس جيرل) وسائق (الفان) لديها بطاقتين صحفيتين باسمها، ما سال له لعاب شركاء المؤسسة (الكفو)، من صحفيين ومحررين ومصورين، على الرغم من أن تلك البطاقات لا تحل ولا تربط من دون أن (يطج) عليها الاتحاد ختمه الميمون.

 والوسواس الذي ركب رأس إحدى مديرات تحرير موقع حداثوي علماني بسبب مس ألح عليها من أن أحد الصحفيين الطافشين من نعيمها قد يكون وراء عملية قرصنة أصابت الموقع في مقتل، رغم أن الموقع لا يحتاج عمليا لجهة أمنه الإلكتروني حتى ينقلب على قفاه سوى مجرد أن يفتح رئيس تحريره نفسه لوحة التحكم فيه بنفسه معطلا "الفايروول" الخاص به، أو ربما في حال أقدم على ذلك ناسيا أن يرتدي خاتم زواجه من مديرة التحرير نفسها. 

تلك النماذج التي سبقت الإشارة إليها ليسو رؤساء تحرير، بل هم رؤساء احتلال لتلك المساحات المفتوحة على الانترنت، بغرض تسويق بضائعهم السياسية، وبروباغناداتهم الباهتة في مجملها. إن السواد الأعظم منهم ليس شريكا في أي شي، وهم مجرد أصحاب مواقع مالية وبريستجية، وعرضحالجية سايبيريون في لبوس صحافة.



هؤلاء أنفسهم هم المنتفعون وحدهم من سياسة رفع المواد ورميها في (الريسايكل بين) كرمى لعيون الضابط الفلاني، والوزير العلاني، والشيخ ما غيرو، وشهبندر التجار إياه، ومديرة مكتب جنابو.

هم الذين يفاخرون ما برحوا بـ(واسطاتهم) السياسية والمالية والإيديولوجية، ويرقصون على حبل المعارضة والسلطة بذات الأرجل والرأس.

وأي حملة ضد المسودات القواننجية التي تسود الوجه وتسعى لتمريرها منذ أكثر من عام جهات حكومية سورية سيكون مآلها الفشل المحتم ما دام أمثال هؤلاء هم الطليعة المزيفة فيها، وحاملو لوائها المزعومون، في الوقت الذي يخدمون فيه أغراض الطرف الآخر، ومراميه الهدامة، متلطين وراء الحجة الواهية بأن أي نقد لنهجهم الرجعي إعلاميا إنما يخدم أغراض أولئك الذين يسعون للإطباق بأظافرهم على عنق الإعلام الالكتروني وما بحكمه في البلاد.

وما علينا فعله هنا هو أن نعيد كلنا النظر بكون هؤلاء أصحاب مصلحة حقيقة في أي ترتيب للبيت الداخلي الصحفي السوري على الانترنت، أو إصلاح إعلامي مهني محلي منشود، وهم في ممارساتهم الراهنة ليسوا أكثر حصانة ضد التشنيع والانتقاد من وزارة الإعلام واتحاد الصحفيين ومؤسسة الاتصالات والمؤسسة العربية للإعلان، وآخرين أولين تعرفونهم.

2010-08-22

مطلوب محررين لمطبوعة رسمية براتب بيضة ونص في الساعة !





ليس مؤكدا بعد فيما إذا كانت وزارة الاقتصاد والتجارة قد قامت فعلا بتشكيل لجنة لتقديم دراسة جدوى اقتصادية لصحيفتها العتيدة التي ستنافح مستقبلا عن حرية الملكية التجارية والصناعية كما حددت مهمتها*.

وافتراض وجود لجنة كتلك هو من قبيل (العشم) المهني لتحصيل استشارة احترافية من ذوي الاختصاص تسبق عادة ربما إصدار قوانين (استثنائية) من رئاسة مجلس الوزراء، كحال قانون إصدار المطبوعات (غير الاستثنائية) على العموم، والصحيفة المذكورة هنا على وجه الخصخصة.

أما الشك فمرده إلى أن القرار إياه الصادر في عامنا هذا في بلدنا هذا في منعطفنا هذا حدد مكافئة المحرر هذا في الصحيفة المنتظرة بـ(4000- أربعة آلاف) ليرة سورية، من ليرات مصرفنا المركزي** هذا بالذات.

وفي الوقت الذي يعافر فيه الإعلاميون السوريون مع / ضد (مؤسساتهم) لرفع الرواتب ومكافئات الاستكتاب والتعويضات الاجتماعية وبدلات الطبابة والنقل والاتصالات، وسحب حقوقهم ومستحقاتهم من بين أنياب وأضراس وطواحن وضواحك التجار والمضاربين وأبناء المسؤولين وغاسلي الأموال أصحاب ورؤساء تحرير تلك المؤسسات، ودائما بعيدا عن النقابات الافتراضية والاتحادات الفقاعاتية، .. أقول في الوقت الذي يجري فيه كل هذا تخرج علينا دولة فلول القطاع العام بقرار اقتصادي سوقي اجتماعي رسمي يبقشش (موظفيه) بـ(400 ألف) قرش كل شهر.

منتظرا ضمنا من أولئك المستخدمين العمل المتقن والضمير اليقظ والكف النظيف والذقن الحليقة والصدر العامر والمؤخرة المشدودة والحنك المقفل.
أربعة آلاف ليرة سورية حكومية في الشهر، ما يعادل في إعلام الكيلو/كلمة وبورصة المنطقة الإعلامية الحرة في الزبلطاني وسوق الهال، بيضة فاصلة ستة أعشار البيضة (نيـّة) في الساعة.

نعم، ربما كان الأجدى بنا العودة إلى لغة المقايضة، إذ أنها قد تحمل لاتزال بعدا اعتباريا إنسانيا - حيوانيا أقل لؤما وأذى، من ذلك التجريد الاقتصادي الحداثوي لفرمانات أهل الحل والعقد الذين لا يخفى عليهم شيء في الأرض ولا في السماء.
وطالما أننا عاجزون عن وضع بعض الحرارة في الليرات المتصدق بها على الزملاء المحررين، فلا بأس إذا من وضع بعض الحريرات بدلا عنها.

فلابد أن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بعد أن تم دمجها مع وزارة التموين والتجارة الداخلية باتت على علم تماما بالحجم الاقتصادي الذي يحتله (البيض) في حياة المواطن الإعلامي السوري.

بدء بما تيسر من بيض الدجاج الكلاسيكي الذي يمرغ في صفاره رئيس التحرير عادة المواد الخارجة على النص. مرورا بالمسؤولين وهم يبيضون في خطبهم ولقاءاتهم وتبصيراتهم بقية النهار، والذين ينتظرون من الصحفيين والإعلاميين موافاة جماهيرهم بذلك البيض عاجلا قبل أن يفقس. وصولا إلى مفتاح حلحلة الأمور المستعصية في معاملات الدوائر العمومية (ومنها وزارة الإعلام بالطبع) والذي يعرف لغة بـ(بيضة القبان)، ذلك الشخص (غالبا –شخصة- في مثالنا السابق) الذي تعود إليه الكلمة الفصل في التيسير والتعسير على حجاج الدائرة (الحرام).

كما أنه يمكن للصحافة الخاصة المستقلة بمداجنها الناشئة أن تأتسي بالصحيفة الحكومية الوليدة. بل لعل المحررين العاملين لدى بعض أصحاب تلك التجمعات الإعلامية (المستقلة) يكونون أكثر حظا من زملائهم العموميين، على اعتبار أن من بين أكابر ذلك الإعلام من هو (بيضه) أكبر وأثقل من بعض مداراء القطاع العام. ما يمنح بعض الإعلاميين فرصة تاريخية لتعلم اللعب بـ(البيض) ..والحجر.
النكات السورية ليست كلها سرية، وليست كلها دائما عن الحماصنة. فهناك نكات تحمل توقيع أرفع المسؤولين في الدولة ما يسمح بتداولها رسميا في أوساط العمال والموظفين وصغار الكسبة وعامة الشعب. وبالطبع (الصحفجيين) و(المحرراتية) من بينهم.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على (الروح الحلوة) عند مسؤولينا الرفيعين جدا، على التوازي مع (حلاوة الروح) عند مواطنيهم الأكثر (رفاعة).

على أن القرار التاريخي لرئاسة الوزراء بـ(ارتكاب) تلك الصحيفة الجديدة، أغفل رصد أي مكافئة لرئيس تحرير المطبوعة الموعودة, وهو هنا السيد وزير الاقتصاد نفسه. وهذا الإغفال كان إما لأن صاحب القرار على علم بأن السيد الوزير مكتف بذاته، وبنعم (سانا) الأخرى عليه، وإما لأن هذه اللفتة كانت بادرة حسن نية من فوق إلى تحت. بادرة لسان حالها يقول:
(ومن ساواك ببيضه .... ما ظلمك).
________
* نشرت صحيفة الخبر السورية مؤخرا قرارا صادرا عن مجلس الوزراء السوري بإنشاء مطبوعة لوزارة الاقتصاد والتجارة تتناول حرية الملكية التجارية والصناعية, وردت فيها تسعيرة المحررين المشار إليها.
**حاكمه نافح حد الشتيمة عن ليرتـ(ــه)، ووصف –وهو الصاحي- تصريحات وزير الصناعة (النقدية) التي لم ترقه مؤخرا بـ(الهلوسة).


2009