2010-08-05

الحزبيون السوريون الجدد، دماء شابـّة, وشريان مفتوح!


شهادات وآراء شباب في الحياة الحزبية السورية

بين السيد (الحزبي) والأجير (المحازب)! -تجربة مع اليسار السوري


لا يجد سعد روستان الممثل المسرحي الشاب بُـداً من الاتفاق مع الملاحظات والمشاهدات التي بات صداها يتردد بوتيرة متصاعدة مؤخرا, والتي تحاول استقراء ظاهرة ما أمسى يعرف -إعلاميا أقلـّه- بعزوف الشباب السوري عن المشاركة في الشأن العام لبلده, بل لعله -لا كشاب فحسب بل كحزبي سابق (ولاحق ربما)- يملك مفرداته الخاصة, التي يسعى على الدوام إلى إعادة تنضيدها ضمن سياق تجربته داخل هذا الحقل العام نفسه, الذي ينفر من الاقتراب منه شباب سوريون مثله.

".....بل إنّ الشباب اليوم يضمر حتى عدم الرغبة في البحث عن وسيلة ما, أو امتلاك مجرد حلم في أن يكون ذا تأثير على ما يجري حوله, أو أن يكون لديه دور وظيفي من نوع ما, وليس شرطا أبدا في نظري أن تمر هذه المشاركة حصرا عبر حزب من الأحزاب أو قوة من القوى السياسية, أو أن تجري تلك المساهمة في معركة كبرى.

فحتى التفاعل مع الشأن اليومي وتلوث البيئة على سبيل المثال انقرضت معالمه من حياتنا.

وبالطبع, هذه (الاستقالة) لم تسقط من الهواء, ويراها سعد نتيجة لتضافر مسببات عدة يأتي على رأسها "الخصوصية التي تمتلكها منطقتنا -شئنا أم أبينا- ولا مناص لنا من الإقرار بذلك, هذه الخصوصية تسببت مع عوامل أخرى في أن تجعل شبابنا تواكليين, وذوي منظور غيبي للأمور, الأمر الذي يمكن ردّه إلى (الثقافة الدينية) إن جاز لي التعبير, وهي الثقافة التي صنعت إنسان هذه المنطقة, واستغلتها القوى المختلفة والأنظمة الحاكمة لإخصاء أي طاقة من الممكن لها أن تكون فاعلة في يوم من الأيام.

ناهيك عن أنّ الشباب السوري إجمالا شباب غير مثقف, ويشكو من خلاصة تشوهات مرّ بها, وكلنا يعلم أن المثقفين هم أقدر الناس على لمس مصلحتهم و مصلحة (الجماهير), من خلال صيغ العمل الجماعي, أكثر منه اتكالا على الحلول الفردية الخاصة"

لماذا إذا –مادام الشباب السوري ميئوسا منه إلى هذه الدرجة - لا زال بعض الشباب يختارون العمل الحزبي ؟

"أنا لم أقل أنّهم كذلك –ميئوس منهم-, لأنه لا يمكنني رغم كل شيء أن أنكر تلك الطاقة الهائلة والمميزة التي يملكها هذا الشباب, والتي ساهمت بتخفيف وطأة ما نعانيه في مجتمعنا من مشاكل سياسية واقتصادية وغيرها, والتي كان من الممكن أن تكون تبعاتها أسوأ بكثير لو لم يمتلك شبابنا مثل هذه القوة, والتي تبدو وكأنها معجزة حقيقية.

أما بالنسبة للحزبيين منهم فيمكنني أن أقول أن خيارات من يعمل منهم اليوم على الساحة -على قلة عددهم- جاءت نتيجة مماحكة قريبة لـ(ظرف) من الظروف عرّفهم على الأوساط الحزبية والسياسية, الأمر الذي ربما دفعهم في النهاية إلى الدخول في صيغ تنظيمية.

فالغالبية العظمى من الشباب لا يعرفون تفاصيل نشوء القوى والأحزاب السورية, وهم يميلون عموما إلى اتخاذ موقف سلبي منها, والمشهد الإعلامي المحلي وأحاديث الشارع والمقهى غير كافية حتى اليوم بأن تطرح أمام الشاب السوري (الرؤية التنظيمية) كحل وخيار, وهي بالتأكيد ليست ما يساعد المتحزبين على الحفاظ على هذا الاختيار"

يوحي جواب سعد الأخير هذا بأن الشباب الحزبي ليس أسعد حالا من صنوه الذي أراد الابتعاد عن الأحزاب, وإذا كان هذا الأخير لم يدرس خياراته بشكل جيد قبل أن ينأى بنفسه عن خضم الحياة العامة؛ فإن الشيء ذاته ربما يكون قد حصل مع الحزبيين إنما بشكل معاكس تماما, فزجوا بأنفسهم في هذا المعترك كردة فعل ربما, ومن دون تبن حقيقي لأفكار الأحزاب التي وجدوا أنفسهم في صفوفها! وردا على هذا يقول:

"لا يمكن أن نعتبر أنّ الحزبيين غير مؤمنين بـ(الإيديولوجية) الحزبية التي اختاروا أن ينتظموا تحت شعارها, وإلا لما دخلوا هذه الأحزاب بالذات من الأساس, ولاختاروا إذن حلولا فردية محضة –كالباقين-, وحتى لو افترضنا أنهم يبحثون عن أي (خلاص) كان؛ فهذا بحد ذاته نضج كبير.

إذا أخذنا مثلا الحزب الشيوعي جناح (بكداش), رغم انه اليوم فصيل متكلس برأيي فعندما أرى في صفوفه شبابا لازالوا مستمرين في العمل داخله؛ فهذا في حد ذاته دليل على نضج ووعي كبيرين, لأنّ هذه الشبيبة لازالت مصممة على العمل

فهل تضمر إذا الآليات الحزبية أدوات تغييرية تلبي مطامح هذه الفئة الراغبة بالعمل؟

"لا اعتقد أنهم قادرون على تغيير أي شيء, وحتى لو أرادوا ذلك فلن تسمح لهم القيادات الحزبية بهذا, وكلامي يشمل الأحزاب جميعها.

وحتى لو سمحت تلك القيادات لشبابها بإنجاز تغيير ما؛ فذلك لن يكون إلا في الحدود الدنيا, وضمن (الجوانب) و(القشور) لا في بنية الحزب نفسه, لأنّ القيادات الحزبية -بنسب متفاوتة- هي عبارة عن (السلطة) نفسها, إذ هناك سلطة -بين قوسين- في حزب البعث, وهناك (سلطة) عند القوميين الاجتماعيين, وهناك (سلطة) عند الشيوعيين.

(الكرسي) موجود لدى الجميع, الأمر الذي حول هذه الأحزاب إلى دكاكين, والدكان عندما يجد صاحبها أن مستخدما من مستخدميه يقف عائقا بينه و بين ربحه, ولا (يشتغل) كما يريد, فهو ببساطة يرمي به خارجا.

وهذا لا يعني بالطبع التعميم المجحف بحق الجميع, ولا يطال قلّة من الرموز النظيفة داخل هذه القوى, رغم أنّ هؤلاء بدورهم قد يصدرون أمرا -على سبيل المثال- للكوادر الشابة بالنزول إلى الاعتصام الفلاني, أو القيام بالنشاط العلاني ثم وفي اليوم التالي (يضبـّون) هؤلاء الشباب, ويطلبون إليهم العودة إلى المقر, أو التزام بيوتهم, وذلك امتثالا لأمر ما صدر عن (الأجهزة)!

مع أنّ ذلك في النهاية أمر جيد بالعموم, كونه نوعا من العمل بما يتناسب مع قوتك و(حتى إشعار آخر).

ومن خلال تجربتي الشخصية بإمكاني أن أؤكد لك أنـّه كان هناك كذب من قبل القيادات على هذه الكوادر التي كانت تكتشف (الحقيقة) دائما بطرقها الخاصة, كان هناك تضليل وإخفاء للحقائق, وأنا امتلك وثائق وشهود على ما أقوله هنا -وهي بكل حال للحماية وليست للنشر- فالقيادات في هذه الأحزاب تحولت إلى تراث و إلى تقليد, وقد يصل الأمر في بعض الأحيان حد الصدام, والنتيجة أنّ الشباب يمسون خارج الحزب"

هذا الصراع الذي تصفه لنا في كواليس الحزبية, الإحباط , قلة الحيلة, إلى أين يمكن .....

(سعد مقاطعا...)

"....لحظة من فضلك, برغم كل ما تقدم, الشباب الحزبي اليوم لازال يرفض الاستسلام للممارسات الأميركية والصهيونية, ويرفض الديكتاتورية والاستبداد بالرأي في الخارج وفي الداخل, وهو أمر موجود عند الجميع على الإطلاق, على اختلاف أيدلوجياتهم وعقائدهم وقناعاتهم –وإن بنسب متباينة-, لكن الأمر يتجلى أكثر لدى هؤلاء الحزبيين الشباب كونهم يربطون القول بالعمل على الأرض, في الشارع, في المقر الحزبي, في المصنع والعمل الوظيفي, وهذا أمر يستوجب الاحترام"

المرارة التي لا تحتاج كثير عناء كي تتلمسها في عبارات سعد روستان نابعة في واقع الحال عن تجربة ذاتية خاضها في فترة من حياته, قد تعكس إلى حد ما تجارب كثيرين ممن ولجوا هذا الباب لحين, قبل أن يصفقوه ورائهم -أو يتركوه مواربا- على أحسن تقدير-, لكن في حين يرفض كثير منهم الحديث عما مضى, ونشر بعض (الغسيل الوسخ) في الجرائد باعتبار أنّ تلك الأحزاب (اللي فيها مكفيها) على رأي أحد أولئك؛ يبدو سعد أكثر استعدادا لمشاركة الآخرين (مرّه التنظيمي) إياه, يقول:

"التحقت في البداية بالحزب الشيوعي السوري جناح خالد بكداش, لكني لم أستمر معهم أكثر من سنتين بسبب العقلية السائدة وأسلوب العمل, ابتداء من عبادة الفرد عند خالد بكداش نفسه, وتحفظاتي على أداء آل بكداش داخل الحزب, علما أنّ هذه الملاحظات قد صحـّت عندما تم مؤخرا إطلاق اسم (شبيبة خالد بكداش) على (اتحاد الشباب الديمقراطي السوري) –التنظيم الشبابي في الحزب الشيوعي السوري-, إضافة إلى مسألة وجود الحزب ضمن الجبهة الوطنية التقدمية بحجة عدم نضوج الظرف الموضوعي لحراك من نوع آخر, مع أنّ الحزب ينتظر منذ عام الـ63 نضوج هذا الظرف -حتى لا أقول منذ أيام الوحدة والمشاكل مع عبد الناصر- إنما من دون بذل الجهد للعمل على إنضاج هذا الظرف على الأرض.

الحلقة المفرغة إياها على ما يصف سعد كانت داء من الصعوبة بمكان الإفلات من عدواه, حتى بين المنتسبين المستجدين ...

"....كل حزبي جديد يواجه نفس البيروقراطية, نفس الجمود, نفس محضر الاجتماع, وهو عندما يرى -أي الكادر الجديد- هذا التدهور الاجتماعي و الاقتصادي والسياسي الذي يعاني منه الوطن, ثم ينظر إلى الحزب الشيوعي -الذي هو جزء من هذا الوطن- ويراه غير قادر على فعل شيء, فهذا الكادر سيدير ظهره و(يمشي).

إذ أنّ الفكرة الغائبة عني -كأمين عام أو قيادي حزبي- هي أنه ليس من المهم جلب حزبيين جدد بقدر أهمية خلق جو ومناخ حيوي يستطيع الحزب الحركة ضمنه. فالهدف ليس الإتيان بأناس جدد إلى الحزب ومن ثم وضعهم في الفريزر"

ولكنك لم (تتب) من تجربتك الأولى ....

(مبتسما) " ...هذا صحيح, عدت وتنظـّمت في صفوف قوة أخرى, بعضهم يقول أنها منشقة, وبعضهم الآخر يقول أنها مفصولة ومطرودة من حزبها الأم, والتي هي (تيار قاسيون)-اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين-, وهنا حصلت الطامة.

علماً أنّ تيار قاسيون من الناحية الفكرية و الإستراتيجية, ومن حيث شكل بناء العلاقة مع الآخر؛ أنضج من غيرهم في باقي الأحزاب اليسارية.

لكن ذلك لم يكن بفضل (قاسيون) كقوة ورأس هرم وخصوصية قيادية, بقدر ما كان -وفق تحليلي الشخصي- نتيجة صدفة تاريخية أوجدت أفرادا من الشباب الذين عرفوا كيف يجتذبون مزيدا من الشباب. والايجابي الذي حصل هو أنّ القيادة -ولأول مرة ضمن قاسيون- منحت كوادرها الشابـّة صلاحية العمل. وأنا هنا أذكـّر تلك القيادات -لئلا تنسى- أنّ الذي دعم ذلك التوجه وعزز منه داخل قاسيون وخارجه هو تصادف ما قاموا به مع انتقال البلد إلى نوع من الانفراج السياسي, الذي رافقه ظهور المنتديات وصالونات الحوار في البلد ...."

.....لكن اسمح لي هنا أن أذكرك بأنّ هذا يحسب لهم –وفق تصنيفك نفسك في كلام سابق- كونهم استثمروا الفرصة لـ(نضوج) الظرف الموضوعي الذي كنت تتحدث عنه!

"وهل كنا لننتظر منهم أن يناموا في بيوتهم وقتذاك؟ هذا عذر أقبح من ذنب فيما لو كان.

على كل لم يكن الظرف الداخلي الذي ذكرته هو المؤثر الوحيد في تلك الفترة, بل كان هناك أيضا الوضع العربي والإقليمي الذي رافق ذلك, ودفع إلى أن يتوحد خطاب السلطة مع خطاب القوى التقدمية, جنباً إلى جنب مع أماني وعواطف الشارع, فانتفت إلى حد ما الخطوط الحمراء, وصارت هذه القوى تنزل على الأرض تحت شعار وطني, مع عودة النفس القومي, وتعزز حالة الممانعة, وهذا التفاعل على الأرض ساهم في إنضاجهم –في قاسيون- وإظهارهم على خريطة الداخل السياسي.

لكن ما حصل لاحقا أنهم عادوا فيما بعد إلى عقلية (أبو عمار) –خالد بكداش- و(أم عمار), و(يوسف فيصل), و(رياض الترك), من خلال ممارسات قيادية غير مفهومة وغير مبررة,

إلا من منطلق المصلحة الشخصية, ما أفرز سلوكا ضد الماركسية, لا زال موجودا داخل التنظيم"

وأين كنت والشباب الحزبي من كل هذا الذي تصف؟

"في حالة قاسيون وإن حصلت فعليا تلك الممارسات, بيد أنها لم تمر مرور الكرام, باعتبار أن العنصر الشاب تسبب بنوع من الإزعاج للكادر البيروقراطي قي التيار لفترة طويلة, مما رفع سقف التعامل بين الطرفين, في حين كان كافيا فيما سبق أن يدخل رئيس الفرقة الحزبية مثلا ليقول –شفهيا- أنّ الموضوع الفلاني لا نريده أن يفتح ثانية, ليقفل الموضوع برمته, ولا يعود أحد للحديث فيه.

إلا أن ضريبة ذلك -الأخذ والرد بين الطرفين- هي التشرذم, وطرح بدائل أحيانا لا تقوم على أرضية ثابتة, كون تجربة الكوادر الشابة لاتزال غير مكتملة وغير ناضجة, وبالتالي غير قادرة بالضرورة على تأسيس حالة بديلة فيما لو تطلب الأمر ذلك"

وهذا ما دفعك إلى ترك الحياة الحزبية في حينه؟

"تماما, إضافة إلى أسبابي الذاتية المتعلقة بحياتي المهنية بعد التخرج, بعد أن كان وقتي في السابق مكرسا كله للحزب, حيث أنّ العمل السياسي يحتاج إلى تفرغ أو شبه تفرغ على أقل تقدير, بيد أنّ هناك كثيراً من الحالات التي يفيد بها المرء الأحزاب, من الخارج أكثر منه عندما يكون داخلها, وذلك تبعا لخصوصية الفرد وخصوصية الحزب.

وقد وجدت شخصيا أنّني كنت في الفترة التي واكبت فيها التنظيم من بعيد فاعلا أكثر, لأني كنت حرا أكثر, وعندما أكون حرا فأنا قادر حينها على عمل الشيء الذي أنا مقتنع به, رغم كل ما قد يشوبه من نواقص, بل إنني وتبعا لذلك أكون مفيدا للبلد قبل الحزب"

أليس من شيء يمكن لمسؤولي الأحزاب الذين تصب عليهم جام غضبك أن يفعلوه ليصلحوا من شأن تعاطيهم مع كوادرهم الشابة –على الأقل بالطريقة التي تفهم أنت شخصيا الإصلاح وفقها-؟

"يفترض سؤالك وجود قيادة جيدة للاستفادة من هذه الملاحظات, ولكن ماذا لو كانت هذه القيادة فاسدة -وهم يعرفون أنفسهم بأنهم فاسدون-؟

في هذه الحال هم إذا قرروا إفادة البلد والجماعة والحزب, فإنهم سيضرون بمصالحهم الشخصية.

ولكن في العموم, وفي ظل هذه المرحلة التاريخية الحساسة والدقيقة, فإن المطالبة بتغييرات جذرية داخل هذه القوى دونه تخوفات من حدوث اختلالات فيها.

فأن تطالب الأمين العام بالاستقالة, هذا سيؤدي أيضا –لحسابات تتعلق بهم- باللجنة المركزية والمكتب السياسي و...و...

وكل هذا مع عدم وجود من هو قادر على ملئ هذا الفراغ, في ظل عصر محكوم بالاختصاص العلمي. إذ لدينا -في الأحزاب اليسارية- منذ الخمسينات ما يدعي في الأدب بظاهرة (وفاة المؤلف), وبعد رحيل خالد بكداش -الذي ترجم البيان الشيوعي الأول- لم يعد هناك تنظير لليسار, أو حتى مفسرين للنظرية على الأقل لتستفيد منهم للكوادر الأصغر, هذه الكوادر التي تعتمد بشكل أساسي على ما يقدمه الحزب لها من نتاج نظري تثقيفي, والذي لا يكفي –عمليا- لكي يكون أي منهم قياديا داخل الحزب"

لا خلاص إذا إلا بـ...

"...المقاومة, كل من موقعه,!

فالمقاومة ليست حكرا على التيارات الدينية, ورصيد المقاومة هذه يأتي من الموروث والمعارف والخبرات, ومن الاجتهاد الشخصي بالدرجة الثانية.

وفي النهاية يبقى الجميع رفاقا على علاتهم ومشاكلهم, ولا يمكنني إنكار أنهم تعرضوا لحالة من النضج لم يتعرض لها غيرهم , وأنا بالنسبة لي شخصيا أفضّل أن يكون إلى جانبي في الشارع أو النادي أو المقهى أو السينما شيوعي, على أن يكون هناك شخص من مفرزات هذه المرحلة من متطرفين (طالبانيين).

ومجرد وجود أناس يدركون أنّ الصراع هو في حقيقته صراع طبقي, لا صراع حضارات أو صراع طوائف, وأنه تضارب مصالح بين مستغـِل و مستغَـَل؛ هو أمر مطمئن.

وأن تجد هناك من لا زال قادرا على الاعتصام عند تمثال صلاح الدين مثلا, أو عند المفوضية الأوروبية, هذا بحد ذاته مدعاة للتفاؤل, خاصة في ظل الظروف الراهنة ووجود قانون الطوارئ, وهو أمر يدعوني مجددا لإعادة الكرة والمحاولة من جديد.

لكن ليس إلى مالا نهاية بالتأكيد, فكل حزب تقدمي مهدد بأن يصل شبابه إلى مرحلة من اليأس فيديروا ظهورهم و(يمشو).

الناس طاقات, ولا يمكنك أن تطالب الشارع كله بأن يكون (طليعة).

لكني أنصح كل إنسان أن يمر بالمرحلة التنظيمية, وأن لا يستمع لما يقال له في البيت مثلا من قبل والديه لثنيه عن هذه الفكرة, لأنك بحاجة للانتماء ولمنهجة أفكارك, ناهيك عن أنـّه خارج الصيغة الحزبية لا يمكن إنجاز أي تغيير.

خلاصة كلامي أنـّه لا يمكنك أن تعتبر نفسك كحزب شيوعي (طليعة) متقدمة, وتعتبر نظريتك (أم النظريات), والأدوات التي تملكها؛ أكثر الأدوات نفاذا باتجاه الحلول, ثم تبرر لكوادرك أنك تتأثر بضغوطات, وأن المشكلة كانت أكبر منك!!





2007

ليست هناك تعليقات: