2010-08-05

لقاء مع الباحثة الدنمركية الدكتورة ماني كروني

العلمانية لن تخطف إيمان الناس منهم, وعلمانيّوكم متشددون

ملف "العلمانية في المشرق العربي"

• كيف تنظرين دكتورة كروني إلى مآلات العلمانية اليوم ضمن حراك مجتمعات و سياسات حكم عالمنا المعاصر هذا؟

أعتقد أن سؤال العلمانية بات يحظى بمتابعة واهتمام كبيرين هذه الأيام وخاصة في السنوات الخمس الأخيرة إن شئت الدقة, وهذا ليس حكرا على منطقة جغرافية بعينها بل عمليا يحدث هذا ونحن نتحدث الآن في مناطق عدة من العالم, كأوروبا و الولايات المتحدة و أصقاع أخرى من الأرض, و أنا شخصيا أعتقد أننا لم نتناول العلمانية بهذا القدر من الإلحاح في السنوات العشر أو الخمس عشرة الأسبق.
الناس الآن يتكلمون عن موضوع العلمانية بغرض تلمس كنهها و معرفة المزيد عنها, بعد أن وجد كثيرون أنفسهم أنهم لا يعرفون بالضبط ما هي هذه العلمانية.

أما إن أردت التركيز على هذه المنطقة بالذات؛ فمن نافلة القول الحديث عن أن العلمانية ضرورة ملحة في هذا الإقليم, وذلك لأسباب عديدة جدا, لعل من أبرزها فيما أرى –وهو على كل حال موضوع تم التطرق إليه في المؤتمر- ما شهدناه جميعا -وما زلنا نشهده- عبر السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة من صعود المزيد من الحركات الدينية إلى الواجهة السياسية, وهو سبب كاف باعتقادي كي تكون وتيرة تناول موضوع العلمانية أكبر عن ذي قبل, خاصة ونحن نرى كيف تسعى و تحاول هذه الحركات الدينية جاهدة كي ترسخ مزج الدين بالسياسة وفقا لمعتقداتها.

لكن من الملاحظ أن هناك ثمة تباينات و اختلافات في أسلوب الحوار الذي يجري, والطريقة التي يتم بها التعاطي مع هذه المسألة, بالنظر إلى وجود أنظمة حكم مختلفة في المنطقة, و مواقع متمايزة بالتالي لهذه الحركات الدينية داخل المجتمعات المحلية التي تنشط فيها, ولاحقا آفاق متباينة لما يمكن أن يكون عليه تأثيرها على المحيط الذي تتواجد فيه.
و بالإمكان مثلا في هذا السياق أن نتجه على سبيل المثال إلى بلد مجاور مثل إيران, و التي أنوه هنا أنه لم يتم التحدث عنها كثيرا في هذا المؤتمر, و هذا كان أحد الأمور التي فاجأتني في الواقع, لأنني كنت أنتظر حقيقة أن ينال الحديث عن إيران جانبا أوسع من اهتمام المحاضرين و الحضور,
على الرغم من أنها ليست بلدا عربيا و هذا أمر أدركه, لكنها في مقابل هذا بلد ذو نظام ثيوقراطي ديني تتعاظم قوته يوما بعد يوم , وذلك على غرار التطرق لتركيا, و التي كان الحديث عنها لافتا نوعا ما, و هي كما نعلم جمهورية علمانية و بلد مهم كذلك في الجوار العربي.
وهي -أي تركيا- من وجهة نظري نموذج جيد و مثير للاهتمام لدراسة ما يحصل الآن في المنطقة,
و هي تعطي كذلك اقتراحا لأحد الأسئلة الجوهرية في موضوعنا عن العلمانية وهو عن الكيفية التي من الممكن من خلالها أن يكون لدينا علمانية في الدولة؛ و حركات و أحزاب دينية في الوقت عينه تنشط في إطار تلك الدولة.


• عقود مرت منذ أن طرح هذا السؤال للمرة الأولى, لكن يبدو أن ثمة -و من الفريقين- من يصر على أن تبقى الـ(لادينية) ظلا للعلمانية, هل في الميدان من تجارب ترجح أياً من هذين الطرحين؟


أعتقد أن كثيرين -وكما تشير في سؤالك- قد سبقوني إلى قول هذا و لكن (لا), ليس من الضرورة أن تكون العلمانية معادية للدين.
بيد أنه إذا أمعنا النظر في تاريخ العلمانية فإننا سنلاحظ بلا ريب أنه لم يكن لدينا و لوقت طويل في أوروبا -وفرنسا تحديدا- سوى نوع واحد من العلمانية, وهي علمانية كانت قريبة أكثر إلى الطرح الذي يجعل منها مناهضة للدين و التدين, و حملت في جعبتها أفكارا من نمط أن الدين في نهاية الأمر مصيره الزوال, و أن حركة التاريخ وفق تلك الرؤية تتجه نحو تدين أقل فأقل داخل المجتمعات البشرية.
وأنا لا أفشي سرا عندما أقول أن هذه الفكرة لازالت إلى حد ما موجودة لدى كثير من الناس, و من ضمنهم علمانيون ممن يرون التضاد بين العلمانية و الدين, وأن كون المرء علمانيا يحتم عليه معاداة الدين, لكن في المقابل وهو أمر لا يجوز إهماله بحال يوجد علمانيون كثر أيضا لا يعتقدون بهذه الضدية بين العلمانية و الدين, ولا يعتبرونها لازما منطقيا و لا ضرورة محتمة.


و لنا في النموذج الأميركي للعلمانية مثال جيد عن الفريق الثاني من العلمانيين الذي أشرت إليه, حيث نجد بشكل أوضح ما يكون كيف أن العلمانية الأميريكية مناقضة تماما لفكرة معاداة الدين, و أنها تقوم عمليا على اعتبار العلمانية حلا تتوافر بمقتضاه ضمانات الحرية في التعبير عن المعتقدات الدينية, و الممارسة غير المقيدة لمعتنقي الأديان المختلفة لطقوس و شعائر أديانهم كافة, و التكفل بحماية هذه الحريات للجميع ضمن إطار القانون الناظم.
فدولة يحكمها دين بعينه ستكون بعيدة عن توفير هذا النوع من الحريات الدينية لمواطنيها بمثل هذه النزاهة, لذا فان النموذج الأميركي العلماني الذي أنوه به هنا؛ ليس ضد الدين على الإطلاق, بل هو عمليا وبهذا المعنى يتيح حريات واسعة و حيزا رحبا لنشاط المتدينين.
وهو بهذا يقدم وجها آخر بالغ الأهمية للعلمانية اليوم, ويمثل تطورا يحتذى مفاده أن الدين ليس عقبة أمام قيام نظم علمانية, و أنه من المتاح التوصل إلى صيغة مجتمعية حداثية و معاصرة من دون أن يكون الدين على تنافر و تناقض معها.

وأنا أظن أنه من الممكن رد الاختلاف بين التجربتين الفرنسية و الأميريكية إلى أن الناس الذين سنوا القوانين المعمول بها في فرنسا اليوم كانوا إلى حد ما (لادينيين), وأن هؤلاء الناس قد عملوا في وقت من الأوقات ضد الدين, و اعتبروه شيئا يجب محاربته بوصفه حالة لاعقلانية تناقض العلم النيـّر الذي يربح في النهاية على الظلامية الدينية و التخلف, و ما إلى هنالك من هذا القبيل.
لكن تلك كانت النسخة الفرنسة, و هو أمر لا تجده أبدا في باقي أوروبا اليوم, و بالطبع ليس في الدول الاسكندنافية.


• كيف تنظرين إلى السرد التاريخي المسهب الذي لجأ بعضهم إليه لإثبات مدى فداحة ثمن (تطييف) مجتمعاتنا المشرقية, السرد نفسه الذي استخدمه آخرون للبرهنة على عدم قابلية مجتمعاتنا لـ(العلمنة)؟

الأسباب التاريخية بالطبع تلعب دورا رئيسيا في هذا الخصوص, فالمهاجرون إلى الولايات المتحدة على سبيل المثال انتموا تاريخيا إلى فئات عرفت إلى حد بعيد بتدينها, في حين أنه لدينا في أوروبا تجد أن فلسفة التنوير في إحدى تجلياتها كانت على الضد من الدين.
بيد أنني لا أحبذ الانسياق كثيرا وراء التاريخ, وأنبه من أنه لا يمكن إرجاع كل شيء و تبريره بأسباب ذات أصول تاريخية.
فالإفراط في اللجوء إلى التاريخ خطأ لا يجب الوقوع فيه, و المقدمات التاريخية لا ينبغي لها أن تتصدر على حساب الأسباب الأخرى التي لا تقل خطورة, كأهمية إدراك الواقع الحالي و السياق المعاصر للأمور و الإلمام بعناصره هذا السياق و راهنية إشكالياته.
و هذا بالضبط ما لفت نظري هنا, إذ اكتشفت أنكم تكثرون من استحضار التاريخ –و أنتم تمتلكون الكثير منه بالطبع-, وتجعلون منه أسانيد أساسية في أطروحاتكم التي تتمحور حول ما يجب أن يكون عليه الوضع اليوم أو مستقبلا في مجتمعاتكم.
أعتقد انه أمر ينبغي إيلائه المزيد من الاهتمام, أن ينظر المرء إلى الأشياء الموجودة حوله اليوم و يحاول أن يعيها بما هي عليه الآن, وأن يلتفت بقدر أكبر إلى ما يفكر فيه الناس في هذه اللحظة, و الكيفية التي يتعاطون بها مع الدين في حال كانوا متدينين مثلا.
قد يكون لدى التاريخ ما يجادل فيه, لكن من المهم بطبيعة الحال أن ندرك مكان وقوفنا حاضرا.

لا يحضرني الآن بالضبط اسم الشخص الذي صاغ هذه العبارة, لكن كان هناك ثمة من قال أن على كل ٍ أن يبتكر علمانيته الخاصة به.
ومن هذا المنطلق أستطيع أن أنظر أنا مثلا إلى بلدكم هذه و أقول أنني أرى أنكم هنا في سوريا لديكم نوع من العلمانية.
و مؤتمر كالذي شاركنا فيه وحضره الناس؛ جيد من باب أنه يعطينا فرصة للتعرف على الاحتمالات المختلفة للعلمانية, غير أنه في المحصلة يقع على عاتق كل بلد على حدة أن يجد لنفسه النموذج الأمثل لحالته من العلمانية, نموذجا من المطلوب فيه لا أن يراعي ملاءمته للنظام السياسي في ذلك البلد فحسب, و إنما مدى مناسبته للمجتمع كذلك سواء بسواء.
ففي بلدي الدنمارك على سبيل المثال, لا ينظر إلى الناس هناك عموما على أنهم متدينون, و لكن في نفس الوقت يوجد لدينا في المقابل كنيسة رسمية للدولة.
ما أود قوله أنه في حال كان لدينا مجتمع يغلب التدين على أفراده؛ يجب علينا عندها على المرء أن يفكر في نوع آخر من العلمانية توائم تطلعات ذلك المجتمع.

وهذا النوع من الاختلافات مشروع تماما, فلو استنكف مرشح ما للرئاسة في الولايات المتحدة الأميريكية اليوم خلال حملته الانتخابية عن التحدث عن الله, لسقط سقوطا مدويا بغض النظر عن باقي سياساته و أجندته المحلية و الدولية!
أما إذا لجأ بالمقابل مرشح الرئاسة الفرنسي إلى توسل دين الجمهور للوصول إلى الإليزيه وفق الطريقة الأميريكية فسيصاب بخيبة أمل كبيرة و لن ينتخبه أحد تقريبا!
والنظامان كلاهما في الولايات المتحدة و فرنسا علمانيان.


• هل من شرعية للحديث عن إصلاحات (علمانية) بما يوازي المطلب العنيد ممن هم على المقلب الآخر بالقيام بإصلاحات دينية؟

أعتقد أن الأوروبيين قد بدؤوا بذلك فعلا, وهم يحاولون اليوم إعادة اكتشاف علمانيتهم على ما جاء من دعوة على لسان الدكتور جورج طرابيشي, و في حال عدنا سريعا إلى فرنسا لنأخذها مثلا من جديد لوجدنا أنهم أي الفرنسيون يعملون حاليا على البنية القانونية للمسألة, وما السجال حول قانون منع تقلد الرموز الدينية في المدارس إلا دليل ملموس على ذلك, وهو أمر دفع بالكثيرين لإعادة طرح سؤال العلمانية مجددا, إن من قبيل تطوير الجدل و النقاش حول الموضوع؛ أو من باب اكتشاف مجهول جديد.
و قد يستغرب بعضهم ما سأقوله لك الآن؛ لكن حتى في دولة علمانية قحة مثل فرنسا, و التي كان لها قصب السبق في تطوير وصفتها الخاصة و الشهيرة من العلمانية؛ لا يزال هناك أناس و مواطنون فيها لا يعرفون شيئا عن العلمانية!
لذلك أجد نفسي متفقة مع هذا الطرح الذي تـُستحث فيه أوروبا -و البلدان العلمانية الأخرى خارج القارة الأوروبية- لإعادة اكتشاف حقيقة علمانيتها, و أظن أن هذا الأمر هو ما يجري فعلا على أرض الواقع, يشهد له العديد من المحاضرات و المؤتمرات التي تم عقدها في السنوات الخمس الماضية.


• أتيت على ذكر إيران في بداية الحديث, يبدو أن الأمور تسير جيدا في صالح هؤلاء القوم على رأس ثيوقراطيتهم, ألا تعتقدين ذلك؟

أبدا, على الإطلاق.
فعلى الرغم من أن إيران دولة قوية اليوم, و تمتلك الطاقة النووية على حسب ما يرددون على مسامعنا في الأخبار كل يوم, غير أن امتلاك الطاقة النووية أمر لا علاقة له بالدين.
و إذا نظرنا إلى إيران كدولة و من ثم كدولة (إسلامية)؛ لتبين لنا مقدار الفشل الذي يعانون منه هناك.
فهم على سبيل المثال قد سعوا جاهدين إلى تطبيق قوانين (الشريعة), و مضوا قدما في الطريق نحو ذلك الهدف, فماذا كانت النتيجة؟
لقد اضطروا في المحصلة إلى التراجع في كثير من المناحي و الأمور, و لاحقا تخلوا عن قدر مهم من حماسهم في ذلك.
أما الاستثناء في هذا السياق؛ فقد يراه بعضهم متمثلا في الجانب السياسي, حيث الدور الإقليمي البارز لهذه الدولة و الذي لا يمكن لأحد أن ينكره,إنما و من جديد يجب الانتباه إلى أن هذا لا علاقة له من قريب أو بعيد بكون إيران دولة دينية, على الرغم من أن الإيرانيين قد يستخدمون -وبنجاعة أحيانا- الدين كسلاح للتأثير في سياسات و توجهات الآخرين بما يتناسب وما يجدون أنه في مصلحة استراتيجيات سياستهم الخارجية, وفيما سوى ذلك فإيران فشلت في أن تكون دولة إسلامية نموذجية وفق معايير تطبيق (الشريعة) و ما إلى ذلك.

وأنا لا أعتقد -كما ألمح بعضهم في مكان ما من المداخلات التي أتت من طرف الجمهور- أن الوقت لازال باكرا على طرح سؤال العلمانية في هذه المنطقة, بل على العكس تماما من ذلك, إذ أن البديل الوحيد المتوفر هنا في حال استثناء دولة علمانية هو بكل بساطة الدولة الدينية, وليس في الأفق خيارات منطقية سوى ذلك.
بيد أنني أملك مقاربتي الخاصة حول هذا الموضوع, إذ لا أعتبر أن السؤال بصيغته الحالية و الذي يستقصي إمكانية قيام دولة إسلامية من عدمها هنا و هناك أو مدى قرب تسلم سلطات متدينة مقاليد الحكم في هذا البلد أو ذاك سؤالا صحيحا تماما.
ففي نظري أن السؤال الأجدى بالطرح والأكثر أهمية هو سؤال الناس عن نوع الدولة التي قد يقررون أنهم ميالون إليها, وهو سؤال يتعلق بمدى تدين المواطنين أنفسهم, و الشوط الذي هم مستعدون أن يذهبوا فيه في هذا التدين, أكثر منه سؤال عن الحد المقبول أو غير المقبول الذي من الممكن أن تكون فيه السلطة متدينة أو غير متدينة.


• ماذا عن جارة إيران و جارتنا؛ تركيا؟

التجربة التركية في مآلاتها الحالية تطرح علينا واحدا من أكثر الأسئلة إشكالية اليوم؛
ماذا لو كان لدينا ديموقراطية و اختارت غالبية المقترعين تغيير الدستور لجعله أكثر دينية (إسلامية)؟
هذه إشكالية بكل ما للكلمة من معنى, إذ كيف بمقدورنا معاندة هكذا خيارات للناس ونحن ندعي الديموقراطية؟
أعتقد انه سؤال حساس برسم العلمانية, وهو في الوقت عينه بذات المقدار من الأهمية بالنسبة للديموقراطية كذلك.
أنا شخصيا -وأعتقد أنك ستطلب إلي الإجابة فورا- سأقف في صف الديموقراطية, لأنني سأنظر إلى نفسي في هذه الحالة على كوني أقلية في دولة الغالبية المفترضة من مواطنيها ترغب في شيء مغاير تماما لما أريده أنا نفسي أن يكون, لكنني سأتصرف على أساس أنه في هذه اللحظة لا يمكنني أن أدعي أنني أكثر صوابا من كل الآخرين.

وعندها سأنتقل للعمل بشكل آخر, سألجأ إلى تغيير نظرة الناس من خلال التفاعل معهم عبر ما تصل إليه
يداي من إعلام و إنترنت ووسائل أخرى لإيصال الفكرة و المعرفة.

وأنا هنا -ولتسمح لي بأن أقول رأيي الشخصي- أعتقد أن معظم العلمانيين الذين التقيت بهم أو سمعتهم في هذا الجزء من العالم هم علمانيون من النوع لنقل (المتشدد) نسبيا, وهم ينتمون بامتياز إلى ذلك الصنف الذي يشتم الخطر في نشاط الحركات الدينية من حوله.
لذلك فالعلمانية التي يمكن للمرء أن يصدفها في هذه البلاد هي عمليا من النوع القديم, و هي أقرب للنسخة الفرنسية من العلمانية, و التي كما كررنا ترى التناقض مع الدين, و تتوسم في المتدينين تهديدا لاستقرار النظام السياسي في العموم.

وهنا أجد وقبل أي شيء آخر, أن الأولوية يجب ان تتجه إلى طمأنة الناس بأن العلمانية لن تعمد إلى أخذ إيمانهم منهم, وجعلهم يدركون حقيقة أن العلمانية هي الوسيلة الصحية التي من خلالها يمكن أن يضمنوا لأنفسهم ممارسة اعتقاداتهم بحرية.
و هذا النوع من الخطاب يجب التوجه به في المقام الأول إلى المتدينين, بغرض تخليصهم من مما يظنون أنه تعارض منطقي بين المفهومين العلمانية و الدين.

كذلك لا يقل إلحاحا عن ذلك, واجب التعمق في دراسة ظاهرة مثيرة للانتباه و هي أنه حتى الإسلاميون –بمن فيهم من يعتقد على نحو ما أن السياسة يجب أن يحكمها الدين- يلجئون اليوم أكثر فأكثر إلى الانخراط في العمل ضمن أطر أنظمة علمانية, كما هو الحال في تركيا و مصر و أماكن أخرى منها سوريا أيضا.
فالإسلاميون لهم الحق في أن يأتوا و يناقشوا و يدافعو عن وجهة نظرهم في هذه القضايا, وأن يحاولوا إقناع الناس بأن ما يرونه هو الشيء الأفضل لهم, و العلمانيون بالمقابل لهم الحق نفسه في أن يذهبوا إلى عين المكان, و يتكلموا على الملأ بما يرون أنه يفضل آراء من سواهم حول الموضوع, و لكن لنبق في أذهاننا أن جوا كهذا يندر أن يوفره نظام شمولي ديني.



التقاها وصاغ الحوار عن الإنكليزية
خالد الاختيار

______________________________________

*ماني كروني : دكتوراه في علم الاجتماع , بروفيسور مساعد في قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية – جامعة كوبنهاغن, حائزة على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من معهد باريس للدراسات السياسية, تهتم أبحاثها بالأفكار السياسية الإسلامية، والإسلام السياسي في أوروبا, والعلمانية من وجهة نظر الإسلاميين.

ليست هناك تعليقات: